للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن كان تلفه من البائع أو أجنبي افترق الحكم: فأما تلفه من قبل البائع فإنه يتحرى مثل الطعام في الكيل فيغرمه البائع ويَقضيه المشتريَ ويتم العقد بينهما بقبضِه لذلك: وأما إن أتلفه أجنبي فإنه لا يتحرى المكيلة ها هنا بل تلزمه القيمة. وقد تكلم الأشياخ على الفرق بين هذين لأجل أن البائع عليه غرامة ما أتلف، فتعلق حق المشتري به. وكذلك على الأجنبي لتعلق حق صاحب الطعام عليه في المطالبة بغرامة ما أتلف. فإما أن يكون التحري واجبًا فيهما كما يجب رد مكيل ما علم من المكيلة فيهما جميعًا إذا أتلفاه، أوْ لا يكون التحري ها هنا يقوم مقام العلم بالمكيلة، فيكون الواجب القيمة كما يجب في إتلاف العروض التي ليست بمكيلة ولا موزونة.

وقد اعتذر عن هذين (١) منها: أن البائع يمكن أن يعلم قيل الصبرة التي باع، ويكتم ذلك حتى تلزمه القيمة إذا أتلفها، ليشتري بالقيمة طعاما أقل مما كان في الصبرة من الكيل، ينصر فإن (٢) هذا الضرر عن المشتري بأن يُتحرى ما فيها فإذا كلف غيره التحريَ مما (٣) لا يتهم ارتفع الضرر عن المشتري.

وهذا الاعتذار مبناه على التهمة، وهي ها هنا لا تتضح.

واعتذر بعض الأشياخ بعذر آخر، وهو أن الأجنبي إذا أتلف هذه الصبرة فألزمناه مثلها تحريًا، فإنا لا نأمن أن يغلط في التحري، فيَلزمه أكثر مما أتلف أو أقل، فيكون هذا يوقع في إباحة التفاضل بين طعامين مثليَّيْن مما فيهما الربا.

واعتذر بعض الأشياخ عن هذا أيضًا، بأن الغلط في التحري لا يظهر فيه كبير ضرر بالبائع؛ لأنه يأخذ ثمن ما أغرمناه تحريًا، فإن نقص أو زاد عن تلك الصبرة علة (٤) لم يذهب من ماله شيء بغير عوض. والأجنبي إذا غلطنا عليه في


(١) فراغ في جميع النسخ بمقدار كلمة، ولعلها: بوجوه.
(٢) هكذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: ينصرف.
(٣) هكذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: ممّن.
(٤) هكذا في جميع النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>