للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التحري أضرّ به؛ لأنه قد يذهب ماله بغير عوض إذا رددنا عليه مقدار ما أتلف.

وإذا تقررت هذه الفروق المذكررة بين البائع والمشتري، وكان الواجب أن يقضى على الأجنبي بالقيمة فماذا يصنع بهذا؟ أما ابن القاسم فإنه ذهب إلى أنه يشتري بهذه القيمة طعامًا (هل المنع) (١) المتلف فيقبضه المشتري على حسب ما ذكر في المدونة. وروي في غير المدونة عن أشهب مثل هذا. لكن ينبغي أن يعلم إذا ثبت على هذا المذهب أن هذه القيمة إذا أردنا أن نشتري به طعامًا فوجدنا السعر قد تغير فإنه إن كانت هذه القيمة يشترى بها أكثر من المكيلة التي وقع التعاقد عليها، فإنا لا نشتري إلا مقدار المكيلة، ويبقى ما فضل من القيمة لبائع الصبرة، لأن ضمانها كان منه فربحها له، وإن اشترى بها أقل من المكيلة التي وقع التعاقد عليها، فإن ذلك يجري مجرى الاستحقاق، والاستحقاق في الطعام إذا كان في اليسير منه لم يكن للمشتري فسخ العقد، لأجل ما استحق، وإن كان في الكثير كان له فسخ العقد.

فكذلك العاجز ها هنا عن مقدار المكيلة التي تعاقدا عليها، ينظر فيه هل هو كثير فيكون للمشتري فسخ العقد، أو يسير فلا يكون له فسخ، وإنما يكون له أن يحط من الثمن مقدار ما عجز عن ما وقع التعاقد عليه؟ ولا يغير هذا الحكم كون هذا العاجز (٢) ليس من قبل البائع بل هو من قبل الله سبحانه، فيجب ألا يكون للمشتري مقال في فسخ العقد لأجل العاجز (١) قلّ أو كثر، كما لا يكون له مقال في الثمرة إذا أُجيحت جائحةً أتت على أكثرها. بل تُوبعَب له مقال ها هنا في هذا العاجز (١) عن مقدار ما تعاقدا عليه من الكيل إذا كثر. كما لو اكترى دارًا فانهدم الكثير منها، أو اشترى جاريتين فماتت في المواضعة أرفعهما، فإن للمشتري مقالًا، وإن كان الموت والهدم من قبل الله سبحانه. وسنتكلم على أصول هذه المسائل إن شاء الله عند كلامنا في الاستحقاق وحكمه.


(١) هكذا في جميع النسخ.
(٢) هكذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: العجز.

<<  <  ج: ص:  >  >>