للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو لم يتخوف من عليه الدّين من أن يطلبه اليد العالية (١)، فإن بعض أشياخي مال إلى أنه من حقه التعجيل.

وهذا فيه نظر، لأنه إذا لم تكن عليه مضرة في تأخير قضائه صار (٢) بذلك المطالبة مع كونه يؤخذ منه ظلمًا، كإتلاف مال مسلم مع القدرة صيانة (٣). لكن لو لحقته في هذه مضرة كان هذا في موضع الترجيح. وقد ذكر في المدونة الحميل بالوجه إذا سلمه من تحمل به في موضع لا تأخذه الأحكام أنه لا يبرأ لكونه تسليمًا لا يفيد. وإذا تعين القضاء بالبلد المشترط، فإنه يكلف من عليه الطلب الخروج لقضاء ما عليه، إذا بقي من الأجل مقدار ما يصل إلى البلد فيه.

ولا يمكّن من ترك الخروج إلى زمن لو خرج فيه لم يدرك البلد إلا بعد الأجل. ولكنه لو أراد أن يوكل وكيلًا فخرج للقضاء عنه فإن ابن القاسم أجاز هذا، ومنعه سحنون، وأشار إلى أنه كالحوالة على ذمة آخر بدين لم يحل. وهذا لا يتّجه لأن الوكيل إنما يخرج على أن الدين باق في ذمة موكله، على حسب ما كان عليه الأمر حين التعاقد، ويكلف موكله أن يعطيه من الثمن ما بقي لقضاء ما عليه، إذا وصل إلى البلد المشترط، أو يتحمل ذلك الوكيل، فإن الحمالة تصح بما لم يحل من الدين، لكون المتحمل عنه لا تبرأ ذمته بالحمالة، بخلاف الحوالة بما لم يحل. وقد ذكر في الكتاب أن من عليه دين مؤجل وأراد سفرًا، فإنه يعتبر سفره: فإن كان إلى مسافة يعود من سفره قبل حلول الأجل مكّن من ذلك، وإن لم يمْكن أن يعود إلا بعد الأجل لم يمكّن من ذلك. وذكر ابن القاسم في غير المدونة أنه يحلف أن يعود قبل الأجل. واشترط بعض الأشياخ أن يكون من أهل التّهم حتى يتجه تعلق هذه اليمين به، وهذا فصل كنا أمليناه فيما تقدم، ولم نذكر ذلك حتى فرغنا من إملائه.


(١) هكذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: العادية.
(٢) هكذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: جازت.
(٣) هكذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: على صيانته.

<<  <  ج: ص:  >  >>