قد قدمنا أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - نص على تحريم الربا في ستة أنواع، وهي: الذهب والورق والبر والشعير والتمر والملح.
فأمّا داود وغيره من أهل الظاهر فإنهم قصروا التحريم على هذه الستة المذكورة في الحديث، وأباحوا النقد فيما سواها من سائر الأنواع، بناء منهم على مذهبهم في نفي القياس، بأنه ليس بدليل في أحكام الشرع، وإنما أحكام الشرع مقصورة على ظواهر الكتاب والسنة.
وهؤلاء إن نشأ رددنا عليهم بالطريق التي سلموا بكونها دليلًا وهو لفظ الشارع فيما رواه عمران أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"الطعام بالطعام مثلًا بمثل"(١) فقوله "الطعام بالطعام"(١) يشتمل على البرّ والشعير والتمر والملح، والمنصوص على عينها في الحديث، وعلى ما سواها من سائر الأطعمة.
وإن شئنا رددنا عليهم بإثبات القياس في كونه دليلًا في الشرع يجب الرجوع إليه.
وأما من سواهم مِمّن يقول بالقياس، وهم أئمة الأعصار وفقهاء الأمصار فإنهم لا يقصرون تحريم الربا على هذه الستة المنصوص عليها في الحديث، بل يستنبطون من هذه الستة علة، ويقيسون عليها ما سوى الستة مما يشاركها في هذه العلة المستنبطة.
واختلفوا في هذه العلة المستنبطة، فنقل بعض النقلة عن ابن الماجشون أنه يقول: العلة: المالية. وأنكر بعضهم هذا النقل والتعليل يكون الشيء مالًا، وأضاف الغلط والوهم لناقله، وأشار إلى الاتفاق.