للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلل ربيعة بوجوب الزكاة.

وعلل أبو حنيفة الذهب والفضة بالوزن، والبرّ والشعير والتمر والملح بالكيل.

واتفق مالك والشافعي رحمهما الله على تعليل الذهب والفضة بالثمنية، واختلفا في تعليل المطعومات الأربعة، فقال الشافعي في القديم: العلة كونها جنسٌ مأكولُهُ مكيلةٌ، وقال في الجديد، وهو المذهب الذي عليه أصحابه: العلة كونها مطعومة.

وأما نحن فأكثر عندنا اختلاف العبارات عن هذه العلة في هذه المطعومات.

فقال مالك رضي الله عنه في الموازية: كل ما كان من الطعام والشراب كالحبوب والأوْدُك والأدم والفواكه، رطبها ويابسها مما يدخر، وهو جنس واحد، فإن الربا فيه حرام بشرط الجنسية والادخار. وذِكْر أنواعها فيه أشارة لما يقتات ويؤتدم به وما يتفكه، واقتضى هذا أن العلة كون الشيء، قوتا أو إداما أو تفكها، مدخرًا.

وأما اشتراط الجنسية فلا يفيد ذكره لأنه مشترط عند مالك والشافعي وأبي حنيفة فلا خلاف عندهم لقوله عليه السلام: "إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد" (١) وقال بعض أصحابنا كل واحد من هذه الأربعة لعلة: فالبرّيقتات حال السعة والاختيار، والشعير حال الفاقة والاضطرار، والتمر يتفكه به، والملح يصلح الأقوات، وهو أيضًا كاللحم فيها لأن الخبز واللحم إذا لم يكن فيهما ملح نافرتهما الطباع. فصارت علة القوت الاختياري أو التفكه أو المصلح للقوت. وذكر أبو بكر الأبهري من أصحابنا من علل هذه بثلاثة أوصاف فالملح والشعير العلة فيهما القوتية، والعلة في التمر التفكه، وفيه معنى القوت، والعلة في الملح كونه مصلحًا في القوت. قال: ومنهم من علل ذلك بالقوتية. وذكر ابن القصار والقاضي أبو محمَّد عبد الوهاب في غير كتابه هذا أن العلة الادخار للعيش غالبًا. وأنكر بعض أشياخنا هذا، وقال: إنما يحسن هذا التعليل لوجوب


(١) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>