للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقلت: أرأيت لو رطبه (١) محرم أليس عليه الجزاء والفاكهة لا جزاء فيها؟ قال: فسكت. وذكر ابن حارث عقيب هذا الذي نقل عن حماد أن ما ناقضه به لا يلزم؛ لأن الحيوان في الجزاء إذا قتله المحرم وإن كان مما لا ربا فيه.

وأما الزفيزف فإنه لا ربا فيه. واعتل ابن المواز لهذا بأنه إن كان جفف ويبس فإنه لا يُفعل ذلك للعيش والأكل لكن للعلاج. وهذا تنبيه على صحة ما قدمناه من ذكر الثلاثة التي يدور عليها فرض هذا الباب، وهي اعتبار الغرض في مقتضى العادة في الطعام هل يدخر ذلك وارى (٢) العلاج أو الاقتيات والأدم وإصلاح القوت على حسب ما تقدم بسط القول فيه.

والعين الذي هو الإجاص اختار بعض أشياخي كونه مما لا ربا فيه، لأنه إنما يجفف ويدخر للعلاج والتداوي لا اقتياتًا ولا تفكها.

وأما الألبان واللحوم فإنها يمنع الربا فيها، وإن كانت للغالب أنها لا تدخر لأجل أنها إنما تقتات غالبًا حال رطوبتها، وهو الغرض المقصود منها. وكذلك اللُّحمان، وإن كان الغالب أنها لا تدخر، فالغرض المقصود منها هو المستعمل في الاقتيات. وقد نبهنا على الاقتيات، وهو المعتمد عليه في التعليل على أنه قد تجفف اللحمان فتدخر. وكذلك الألبان يصنع منها غالبًا ما يدخر كالجبن والأقِط والسمن، فأعطيت حال رطوبتها حكم ما نص عليه بالصنعة من الادخار والاقتيات. لكن المخيض بالجبن وقع فيه قولان: هل يجوز ذلك لكون المخيض لا يكون منه جبن فلا يدخل في نوع بيع الرطب باليابس المنهي عنه، كما تقدم. أو يمكن أن يعمل من المخيض أقِطًا فيكره بيع المخيض بالجبن، لأجل أنه يتكون منه بالصنعة الأقط، والأقط والجبن مُنع فيهما الربا. وقد قال في المدونة: لا بأس ببيع المضروب بالسمن. وقال بعض الأشياخ: هذا يشير إلى أنه لا يحرم في المخيض والمضروب التفاضل، إذا بيع بمثله، لكون


(١) هكذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: وَطِئَهُ.
(٢) كلمة غير واضحة، ويصح الكلام بدونها.

<<  <  ج: ص:  >  >>