للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المضروب لا يدخر ولا يصنع منه ما يدخر، بخلاف الحليب الذي يصنع منه ما يدخر كالجبن والسمن والأقط، وأجرى في جواز التفاضل في المخيض والمضروب اختلافًا في إثبات الربا، لكونهما نوعًا من جنسٍ الغالبُ ادخاره، أو يجوز فيهما الربا لكونهما في أنفسهما لا يدخران، فكذلك يكون حكم المخيض.

وقد ذكر القاضي أبو محمَّد رحمه الله في الكتاب الذي هذا شرحه وهو التلقين، اختلافًا في التين. وذكر ذلك مطلقًا من غير تقييد شتوي ولا صيفي، ويبعد نفي الربا عن التين المدخر لكونه مما يقتات كالزبيب. وإذا اتفق المذهب على منع الربا من الزبيب لكونه مقيسًا على الثمن (١) المنصوص عليه في الحديث. فالتين كالزبيب في هذا المعنى.

وأما الزيوت فإنها مما منع فيها الربا، لكونها تدخر ويؤتدم بها. لكنها تتنوع أنواعًا، فما تحقق فيها ادخاره للائتدام ويكمّل القوت، فإنه يتضح على أصلنا إثبات الربا فيه، وعلى أصل الشافعي الذي يراعي الطعْم، وعلى أصل أبي حنيفة. لكن بعض أصحاب الشافعي قسمه على أربعة أنواع: أحدها: ما يدخر للائتدام كزيت الزيتون، وزيت الفجل وما أشبههما. والثاني: ما يدخر للتداوي كدهن الخروع، والخوخ، فإنه يثبت فيه الربا عندهم لكونه مطعومًا، والمطعومات خلقت لحفظ الحياة، على ما تقدم، فما كان منها مطعومًا لكنه لا يستعمل إلا تداويًا، فإنه يثبت فيه الربا، لأن الدواء والصحة على البدن السقيم، كما أن الغذاء والقوت يحفظ الصحة على البدن الصحيح، فقد استويا في كونهما قوتين لكن أحدهما اختياري، والآخر ضروري. وهكذا الهليلج (٢) والبليلج يثبت فيهما الربا لكونهما من جملة الطعام ويَرُدّان الصحة على البدن السقيم، فكانا كما يحفظهما على البدن الصحيح.


(١) هكذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: التمر.
(٢) في القاموس: إِهْلِيلج.

<<  <  ج: ص:  >  >>