للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن الادهان قسم ثالث، وهو ما يستعمل طيبًا كدهن الورد والبنفسج والزنبق فإن فيها لكونها تؤكل، وليس إمساكها لما هو أعلى، وهو التطيُّب، بالذي يخرجها عن كونها مطعومة.

ومنها قسم رابع وهو مما لا يؤتدم به، ولا يتداوى، ولا يكون طيبًا، كزيت البذر فإنه لا ربا فيه. وهكذا اتفقوا الربا في الطين الأرميني لكونه مطعومًا يتداوي به. ونَفَوْه عن الطين الخراساني وشبهه لكونه لا يتداوى به، وإنما يكون لشهوة فاسدة كما يؤكل سفها وعيبًا، وقد قال عليه السلام لعائشة رضي الله عنها: "لا تأكلي الطين فإنه يصفر اللون" (١). وعندنا نحن اختلاف في جواز أكل الطَّفل سنذكره في موضعه إن شاء الله.

وأما الماء، فإنه لا ربا فيه عندنا، هذا المعروف من مذهبنا. وذكر القاضي أبو محمَّد أن (٢) ابن نافع في الماء بالطعام إلى أجل لا يجوز، ليخرّج منها إثبات الربا فيه. وفي هذا التخريج نظر لأن من المطعومات ما يحرم بيعه بالطعام إلى أجل، ويمنع بيعه قبل قبضه، كالفاكهة التي لا تقتات ولا تدخر، ومع هذا المنع يجوز الربا فيها إلا على رواية ابن وهب التي قدمنا ذكرها، من اعتبار منع بيع الطعام قبل أن يسْتوفى، أن يكون الطعام مما يمنع فيه الربا. وأما أصحاب الشافعي فإنهم ذكروا أن من مذهبهم قولين في إثبات الربا في الماء، نفاه بعض أصحاب الشافعي وأثبته غيره من أصحاب الشافعي وهو الصحيح عند أبي حامد الإسفراييني، لكن أبا حامد خرّج من هذا الاختلاف اختلافًا في مسألة أخرى، وهو بيع دار بدار فيها بئران، وقلنا: إن الماء لا يملك، وإنما يمنع صاحبه منه لحيازته إياه، وكونه مستحقًّا للمنع من التطرق في داره، فإن بيع دار بدار جائز، لكون الماءين اللذين بهما غير مملوكين، فلم يقع عقد عليهما.


(١) انظر: تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة لابن عراق الكناني: ٢٥٧.
(٢) كلمة غير واضحة، ولعلها: رواية - انظر المعونة: ٢/ ٩٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>