مأخذ الخلاف في بيع القمح بالدقيق هل هما جنسان يحل التفاضل بينهما، أو جنس واحد يمكن المساواة أو لا يمكن.
وقد اعتل من ذهب إلى إمكانها ويطول (١) المساواة أن الدقيق فقد عين القمح، لكون أجزائه تفرقت وأجزاء القمح لم تتفرق، والتفرق والانضمام لا يخالف بين الشيئين.
وأجيب عن هذا بأن هذا التفرق في الأجزاء يوقع في التفاضل لكون الأجزاء التي هي ملء صاع أكثر من الأجزاء التي في الدقيقال في هو ملء صاع، فإذا تفاضلت الأجزاء وشوهد التماثل في المعيار عيانًا، فإن ذلك يمنع منه لتحقق الربا، كما منع التمر بالرطب، وإن تساويًا في المكيال، لما يحدث من تفاضل الأجزاء إذا جف الرطب، على ما سيرد بيانه بعد هذا، وذكر ما قيل فيه. وقد أجرى بعض أشياخي هذا الاختلاف من بيع الدقيق بالقمح في بيع السميد بالدقيق لأن السميد إذا طحن زاد على مقدار الدقيق، فيختلف مذهبنا فيه على حسب ما اختلف المذهب في بيع القمح بالدقيق.
والجواب عن السؤال الثالث أن يقال:
لم يختلف أهل المذهب في كون القمح والشعير والسلت صنفًا واحدًا لا يحل التفاضل بين أحدهما وبين الآخر. وقد قدمنا مخالفة أبي حنيفة والشافعي في هذا. وأما العكس ففيه اختلاف في المذهب هل هو مما يضاف إلى القمح والشعير والسلت أيضًا، أو هو جنس خارج عنهما. كما أن المعروف من المذهب كون الأرز والذرة والدُّخن لا يضاف أحد الثلاثة إلى القمح والشعير والسلت. لكن ابن وهب من أصحاب مالك نقل عنه إضافة هذه الثلاثة إلى القمح والشعير والسلت. وهو مذهب الليث بن سعد.
وإذا تقرر أن المذهب المشهور عندنا. أن الأرز والذرة والدخن لا يضاف واحد منها إلى القمح والشعير والسلت، فإن المشهور أن كل واحد منهما أيضًا