للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالمشهور المنع، وأجازه ابن نافع. وهذا أيضًا بناء على ما قدمناه من (١) لغالبه، وغالب الزيتون كون الزيت يخرج منه، ولا يجوز بيع الزيت بأصله الذي استخرج منه لما قدمناه.

وكذا يجري الأمر في بيع التين الشتوي بالصيفي، هل يراعى حكم نفسه، لكونه غير مدخر، أو يجري عليه حكم غالبه فيمنع التفاضل بسببه؟ ومن الغالب منه. وأما الزيتون الذي لا زيت له فإنه يمنع فيه التفاضلَ كونُه مدخرًا، بخلاف التين الشتوي الذي لا يدخر.

وأما الرطب والبسر والتمر فإن التفاضل ممنوع في بيع شيء منها بنوعه.

فيمنع بيع البسر بالبسر متفاضلًا. وكذلك الرطب بالرطب، والتمر بالتمر، وأما بيع الرطب بالتمر فقد اختلف الناس فيه. مذهب مالك والشافعي المنع منه وإنما (٢) تماثلا في الكيل. ومذهب أبي حنيفة جواز البيع إذا تماثلا في الكيل.

وسبب هذا الاختلاف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن بيع الرطب بالتمر فقال: "أينقص الرطب إذا يبس" قالوا: نعم. قال: "فلا، إذن" (٣) فنبّه - صلى الله عليه وسلم - على أنه قدم إليهم منع الربا في التمر في الحال، فكذلك ينبغي أن يعتبر في المآل. وقد علموا أن الرطب بالتمر، إذا بيع أحدهما بالآخر مثلًا بمثل، فإن الرطب إذا جفّ نقص عن مقدار التمر في الكيل، ونقصه في المكيل الحادث بعد النقد كأنه نقص موجود في حال العقد. والمخالف يقول: قد قال عليه السلام: التمر بالتمر كيلًا بكيل. وثمرة النخل تسمى تمرًا في اختلاف أحوالها، وإن خصت بعض الحالات باسم رطب أو بسر، كما أن الصبى والشاب والكهل والشيخ إنسانٌ، وإن اختص بعض شيء من عمره باسم شاب وكهل. ويبين هذا أن الرطب بالتمر بينهما تفاضل في جنس العقد لا يجوز باتفاق إذا تحقق الفضل في


(١) مقدار كلمتين غير واضحتين في جميع النسخ، والمعنى: من إلحاق النادر بالغالب.
(٢) هكذا في الجميع، ولعل الصواب: وإنْ.
(٣) الموطأ: ٢/ ١٤٧ حد: ١٨٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>