الحال. والمآل أن الرطب يسمى تمرًا لما منع التفاضل بينه وبين التمر لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر أجناسًا فيها البر والشعير والتمر، وقال في آخر الحديث المتقدم ذكره فلولا أن الرطب تمر لم يمنع التفاضل بينه وبين التمر، كما لا يمنع التفاضل بين التمر والبر، لكونه عليه السلام خص كل واحد منهما باسمه.
ويدفعون عن التعلق بحديث "أينقص الرطب إذا يبس"؟ بأن يقولوا: الحديث الصادر بإباحة بيع التمر بالتمر كيلًا بكيل معلوم صحته لكثرة رواته، لأن الأمة تلقته بالقبول، وعملت بموجبه لأجله، والحديثُ المذكور فيه نقص الرطب إذا جفّ، خبرُ واحدٍ يظن صحته ظنًا، فلا يوازن بصحة الحديث المقطوع بصحته.
وأيضًا فإنه زيادةٌ على قوله "التمر بالتمر كيلًا بكيل"، والزيادة على النص نسخ، ولا ينسخ مقطوع به بمظنون.
وندافعهم نحن عن هذا بأن هذا ليس بنسخ، إذ لا منافاة بينه وبين قوله في التمر بالتمر كيلًا بكيل، بل هو بيان حكم واحد، وهو اعتبار المساواة التي علق الإباحة بها في المآل، كما يعتبر في الحال، لا سيما إذا قلنا بالطريقة التي قدمناها في كلامنا على علة الربا، أن قوله:"لا تبيعوا البر بالبر إلا مثلًا بمثل" الحديثَ إنه نَهْيٌ عامّ على سائر أحوال بيع البر بالبر، إلا ما ثبت فيه المساواة التي جعلها سببًا للتخلص مما حرم، فيكون الأصلُ المنعَ إلا ما استثناه دليل، ولم يستثن الدليل إلا ما تساوى في الحال والمآل، على ما أفاده تنبيهه عليه السلام "أينقص الرطب إذا جفّ" وقد علمنا على هذا أن التحليل عند المساواة هنا رخصة؛ لأن العلة الطعم أو القوت، وهما موجودان حال المساواة، فصارت الإباحة المعلقة كالرخصة، لأجل الحاجة إليها، والحاجة إنما تعلق عند الجفاف وإمكان الإدخار وتكامل الصنعة، فوجب تعليق المساواة بحالة الكمال التي تكمل بها المنافع، وتتحقق الحاجة حينئذ إلى الرخصة.
وهم يقابلون هذا بأن يقولوا: علّق التحليل بالمساواة، وإنما تمكن