للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإنسان (١) المساواة ها هنا حال العقد، وبحال العقد تتعلق الأحكام ويتوجه الخطاب. وأما اعتبار المساواة بين الرطب والتمر إذا جف الرطب فلا يتصور لأنه إذا جف صار تمرأولم يكن رطبًا، وإذا لم يكن رطبًا استحالت المساواة حينئذ بين التمر والرطب. ولا يُنقَضُ هذا بمعنى بيع القمح بالدقيق كيلًا، لأنا لم نمنع ذلك اعتبارًا بما يحدث في المآل من زيادة في الكيل، لكن لكون الإنسان مخاطبًا في بيع الحنطة بالحنطة بالمساواة قبل أن يطحن، فإذا طحن فقد منع نفسه من إمكان المساواة، فصار هو الذي جنى على نفسه في منع قدرته على المساواة، فلم يرخص له في هذا. والرطب بالتمر لا اكتساب له في نقص أو زيادة ولا جناية وقعت منه، فحسن الترخيص له، مع أنا قدمنا أن الرطب يُسمّى تمرًا، فدخل في عموم قوله عليه السلام في البرّ "كيلًا بكيل" والدقيق لا يسمّى برًا، فلم يدخل في عموم قوله "البر بالبر كيلًا بكيل" مع كون الدقيق هو أجزاء الحنطة التي تعلق بها الربا، ولكنها مفترقة، وأجزاء البر الذي لم يطحن مجتمعة، قبل حكم الربا فيهما على ما كانا عليه قبل الطحن.

وأما بيع الرطب بالرطب فإن المشهور عندنا جوازه. ومنع منه عبد الملك بن الماجشون والشافعي، ذهابًا إلى أن الرطب إذا بيع برطب اختلف بعضها عند الجفاف، وقد ورد الشرع باعتبار المماثلة.

وكذلك المذهب عندنا على قولين في بيع جديد التمر بقديمه. ومال بعض أشياخي إلى المنع من بيع الرطب بالرطب لاختلاف نقصه في المال، إذا كان جُني من صنفين من أنواع التمر. وأما إن كان جني من صنف واحد فإن النقص فيه يتماثل. وهذا المعنى الذي أشار إليه صحيح إن سلم له أن مَا جني من صنف واحد تساوَى نقصه، ولا يختلف لاختلاف ما باشرفه الشمس وكادت أن تنضجه، وما لم تباشره فتبقى رطوبته على الكمال. وقد أشار بعض الأشياخ إلى أن الرطب فيه أجزاء تمرية مازجها أجزاء من الرطوبة الحلوة، فصار هذا


(١) هكذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: حذفها.

<<  <  ج: ص:  >  >>