للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الجراد فإنه صنف رابع والمعروف من المذهب أن بيع بعضه ببعض متفاضلًا جائز، وهكذا ذكر ابن المواز عن أشهب، وذكر ابن حارث عن سحنون أنه يمنع بيع بعضه ببعض متفاضلًا، وإلى هذا مال بعض أشياخي، ورأى أنه مما يدخر.

واختلف قول الشافعي فذهب إلى أن جميع اللحوم على اختلاف أنواعها صنف واحد، وذهب أيضًا إلى أنها أصناف شتى، فلحم الإبل صنف، ولحم البقر صنف، ولحم الضأن صنف، يجوز بيع بعضه ببعض متفاضلًا. وإلى هذا ذهب أبو حنيفة، ومنع ابن حنبل من بيع اللحم الطبري بمثله، واشترط في جواز البيع أن يكونا جميعًا جافين، فيجوز البيع حينئذٍ، مثلًا بمثل لا تفاضل بينهما.

وكأنه رأى اللحم إن كان طريًّا كالرطب. وقد نبهنا نحن فيما مضى على أن المقصود في اللحم طراءته، والمقصود منه (إذا بيع التمر أو بيع بمثله على القول بالمنع من بيع رطب برطب بمثله) (١).

واعلم أنا قدمنا أن المعتبر في الجنسية تقارب المنفعة والأغراض. ومن اعتقد خلاف ذلك في لحم البقر مع لحم الضأن أو البقر (٢) عدهما جنسًا، كأحد قولي الشافعي، ومن رأى تقاربهما في المنفعة والغرض عدهما جنسًا واحدًا، كما ذهب إليه مالك.

وأما أحد قولي الشافعي فإن اللحوم كلها صنف واحد (٣) في الاختلاف، فإنه اعتبر اشتراكها في تسمية لحم اسم خاص بجميعها يتناول جميع أنواعهما.

بخلاف تسمية أجزاء الثمر ثمرًا لأن لكل ثمر اسمًا يخصها كعنب وتسعين ورمان وتفاح، وليس لكل نوع من اللُّحمان اسم يخصه، وإنما يميَّز بإضافته هذه التسمية إلى تسمية أخرى، فيقال: لحم بقر أو لحم إبل.

وأما الجراد فإن فيه اختلافًا في الموازية أن التفاضل في بيع بعضه ببعض


(١) ما بين القوسين هكذا نصه. هكذا في الجميع، ولعل الصواب: لا يجب أن يشرع،
(٢) هكذا في جميع النسخ، والأوْلى حذف: أو البقر.
(٣) كلمة غير واضحة في جميع النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>