للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جائز. ومنع سحنون بيع بعضه ببعض متفاضلًا، ورآه مما يدّخر، فيكون على هذه الطريقة لاحقًا باللحمان، ولكنه صنف رابع. فأحطت (١) علمًا بهذه الأجناس، فبيع لحم بلحم مما يعد من جنسه متفاضلًا لا يجوز كلحم بقر بلحم الضأن أو لحم إبل بلحم بقر أو لحم حيوان من ذوات الأربع الوحشي بلحم إنسي، وعلى هذا الأسلوب يجري في بقية الأجناس والله المستعان لا ربّ سواه ولا خير إلا منه.

والجواب عن السؤال الثامن أن يقال:

إن اللحم إذا شوي أو قدّد من غير أبزار خالطته فإنه لا ينتقل عن حكم اللحم الطبري، ولا يجوز فيه التفاضل. وأما التماثل في بيع الطبري بالقديد فيعْسر الوقوف على حقيقته وزنًا. وهل يجوز الاقتصار في التماثل على تحري المساواة؟ هذا مما اختلف فيه المذهب، وهو اختلاف في صفة، فمن منع المبايعة على المساواة تحرّيًا رأى أن التحري لا يوثق به، وقد يغلط المتحري تارة، ويصيب أخرى، وقد قدمنا أن الشك في التفاضل في الربويات كاليقين به في المنع. ومن أجاز ها هنا الاقتصار على التحري، وقدره بما يُبعد الغلط فيه غالبًا إذا كان من يتحرى عارفًا بالمقدار في هذا صحيحَ الحدس والتخمين فيها.

وكذلك بيع اللحم الطبري بالطري إذا بعد العهد بذبح أحدهما أو قرب عهد الذبح باللحم الآخر، لأن اللحم الأقدم ذبحًا أكثر جفافًا. وكذلك رأى ابن حبيب في القديد بالقديد والمشوي بالمشوي أنه لا يجوز فيه المبايعة لاختلاف تجفيف الشمس في القديد وتجفيف النار في الشواء، وإن كان المشهور من المذهب جواز بيع القديد بالقديد بناء على أن ذلك يكاد لا يختلف غالبًا اختلافًا محسوسًا واختلافًا مقصودًا. وبيع الطبري بالقديد ممنوع كما يمنع الرطب بالتمر وهو من المزابنة.

وأما إن صنع القديد بأبزار عظّمت فيه النفقة فإنه ينتقل حكمه عن حكم


(١) هكذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: فإذا أحطت.

<<  <  ج: ص:  >  >>