اللحم الطبري، وعن حكم القديد الذي لا أبزار فيه، ويصير كجنس آخر من اللحمان يحل التفاضل بينه وبين ما ليس من جنسه.
وأما إن طبخ بالماء صِرفًا وبالملح، فإن هذا الطبخ لا ينقله عن حكم أصله فلا يجوز بيع اللحم المصلوق باللحم الذي تمسه النار ولا الشمس متفاضلًا، ولا يجوز متماثلًا بالوزن لكونه بيعَ الرطْب باليابس. وأمّا ما ثبت فيه المساواة بالتحري فعلى القولين اللذين قدمناهما. وأما ما طبخ بشيء من المياه المعتصرة كالخل، وماء الحصرم، وماء الليمون، فإنه ينتقل عن حكم اللحم الطبري الذي لم تمسه النار فيصير كجنس آخر يحل فيه التفاضل، فيجوز بيع السِّكباج والحصرمية والليمونية والسماقية والإجاصية بلحم لم تمسه النار ومتفاضلًا. وكذلك غير هذا من الأنواع التي يكثر تعدادها. لكن هذه الألوان التي ذكرنا بعضها كلها صنف واحد، وإن اختلفت المياه التي طبخت بها، فلا يجوز التفاضل بين حصرمية وليمونية وسماقية إلى غير ذلك من ضروب الألوان التي في هذا المعنى، لأن المطبوخات في هذه الأصناف تتقارب الأغراض فيها، وكأن المراد منها الائتدام، وهي من ناحية كونها إدامًا متقاربة في الأغراض والمقصود. ومال بعض أشياخي إلى أن اختلاف هذه الألوان يصيّرها أجناسًا إذا تفاوت الغرض فيها، فليس الغرض في الإسفندباج كالغرض في السماقية والحصرمية. وقد ذكر في الموازية أنه لا يحل التفاضل بين الأرز المطبوخ والهريسة. فإن كان مراده الهريسة المصنوعة من الأرز ولكن خالطها اللحم وضرب معها الأرز، فإن هذا مبني على أن مخالطة اللحم الأرز، هذا النحو من المخالطة لا ينقله عن حكم الأرز المطبوخ بغير لحم. فقدر أنهما جميعًا أرز ولحم مطبوخان، فلا يحل التفاضل بينهما. وإن أراد بالفريسة ها هنا ما صنع من القمح واللحم، فكأنه رأى أن الطبخ للأرز والقمح ينقل كل واحد منهما عن أصله، فيجوز التفاضل بينه وبين أصله؛ ولكن لا يجوز التفاضل بين هذين المطبوخين من هذين الأصلين المختلفين، كما ذهب إليه أشهب في أن خبز الأرز وخبز القمح صنف واحد لا يحل التفاضل بين هذين الخبزين، وإن