للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللحمين على أنهما مجردان من العظم، ورأى أن الربا معلل بالقوت أو الإدام للقوت، وهذا المعنى مختص باللحم دون عظامه، وعظامه تختلف بالكبر والصغر والخشانة والرقة فيؤدي إختلافهما في هذا إلى عدم المساواة بين اللحمين.

ويجاب عن هذا بأن بيع التمر بالتمر جائز كيلًا بكيل، مع كون نَوَى كل واحد من التمر يختلف بوجوده في الوزن، واختلافهما أيضًا يتضمن اختلاف وزن التمر لوجود نواه، ولكن عُفي عن هذا الاختلاف للضرورة، وشدة الحاجة إليه، وكون هذا النوع خلق هذا من مصلحته، فلم يعتبر حكمه على حياله.

فكذلك العظام مع اللحم. فلو أراد التبايع بشاتين مذبوحتين، وهما في جلدهما، فإن هذا فيه اختلافًا: قيل: إنه يجوز إذا تحرى المتبايعان المساواة بين اللحم. وقيل: هذا لا يجوز إذ لا يقدر على تحري ما تُجِنّه الجلود مما لم يدركه البصر، وهو شراء اللحم المغيب ولا تعرف صفته. وقيل: يجوز ذلك إذا استثنى صاحب كل شاة جلدها بموضع يجوز فيه استثناء الجلد، ولما كان الجلد ها هنا لا بدّ من سلخه ونزعه على اللحم لم يجر مجرى النوى في التمر، وكان له تأثير في بيع ما تحته من لحم على الخلاف فيه.

والجواب عن السؤال التاسع أن يقال:

يخرج من الحيوان لبن وسمن. فأما اللبن إذا بيع بلبن مثله في كل واحد منهما زبد فإن المعروف أن ذلك جائز، لحصول التماثل. وروى أبو الفرج رواية أخرى وهي المنع فيهما لأجل ما فيهما من الزبد المجهول. وهذا يحتمل أن يكون أراد أن الزبد مقصود، وهو مغيب لا يدرى مقداره، فبيْعه بزبد آخر أيضًا مغيّب لا يدرى مقداره من لبنه، غرر في عقد البيع، فوجب أن يمنع لأجل الغرر. ويمكن أن يكون اعتبارًا بقوله: إن الزبدين مجهولان إلى الشك في حصول التماثل، والشك في حصول التماثل فيما فيه الربا ممنوع، كما يتحقق التفاضل فيه. وإذا كان هذا الحليب وما فيه من الزبد في حكم التبع، وجب أن يعفى عن الغرر فيه، لتعذر الاطلاع على مقدار ذلك في حَالِ العقد، فأشبه

<<  <  ج: ص:  >  >>