الذي صنع منه، بأنهما جنسان إذا كان المصنوع لا يمكن أن يعود إلى أصله، كبيع غزل بثوب منسوج، فإن ذلك يجوز، وإن لم يتبين الفضل، إلا أن يكون الثوب من خزّ فلا يباع بخز، لأن ثوب الخز قد ينفش فيرجع خزًا كما كان، وإذا كان المصنوع يعود إلى أصله اعتبر فيه تبين الفضل، وجرت فيه أحكام المزابنة، كبيع طست نحاس، لأنه قد يسبك الطست فيعود نحاسًا كما كان. وأجاز في المدونة بيع المصنوع بالمصنوع وإن تجانس أصلاهما وأمكن أن يعودا لأصلهما، كطست من نحاس بمنارة من نحاس، ورأى أن المقصود اختلاف الصنائع، وكذلك العُروض المختلفة.
وأجاز في المدونة التفاضل ما بين الفلوس والنحاس، وإن كان النحاس أصلًا للفلوس، ولم يُجْر النحاس مجرى التبر الذي يصنع منه الدنانير، لكون الربا في الدنانير محرمًا باتفاق، والربا في الفلوس غير متفق عليه على ما سنبينه في كتاب الصرف إن شاء الله.
وأما القسمة إذا وقعت بالتحري تجري على ما قلناه، ويتضح هذا فيها إذا قيل: إنها بيع من البيوع. ويتكلم على هذا في موضعه إن شاء الله، ونذكر الخلاف فيه: هل القسمة بيع من البيوع أو تمييز الحقوق؟ وبالله التوفيق.