للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلف أم لا، مثل أن يبيع رجل سلعة بعشرة دنانير إلى شهر ثم يشتريها ممن اشتراها منه بخمسة دنانير نقدًا، وخمسة دنانير إلى شهرين، فإن هذا البائع الأول قد خرج من يده الثوب، ثم رجع إليه ودفع خمسة دنانير، فإذا حلّ الشهر أخذ من المشتري عشرة دنانير بخمسة منها قضاء عن الخمسة التي أسلفها البائع لما ارتجع ثوبه، وخمسة منها يكون المشتري مسلفًا لها يأخذها منه بعد شهر آخر.

فتصور من هذا أن الثوب لما بيع ثم ارتجع صار لغ وَا مطرحًا وصار البائع دفع خمسة سلفًا للمشتري يأخذها منه إذا حل الشهر، ويأخذ منه خمسة أخرى تكون سلفًا عنده أيضًا إلى شهر عوض السلف الذي أسلفه إياه المشتري. فكأنه إنما أسلف البائع خمسة دنانير إلى شهر على أن يسلفه المشتري خمسة دنانير أخرى أيضًا إلى شهر، فقد تساوى مقدار السلف ولم تكن فيه زيادة توجب المنع، لكن منفعة كل واحد من المتسلفين قد نال مثلها من صاحبه الذي أسلفه أيضًا، فإذا استوت المنفعة لم يتصور كون أحد المتسلفين أسلف لينتفع، فلم يمنع ذلك عند ابن القاسم، وكرهه ابن الماجشون واثقًا أن يكون معنى الزيادة حصل ها هنا، لأن كل واحد منهما ما أسلف إلا لعِوَض وغَرَضٍ له في السلف يعود بمنفعة، ولولا ذلك ما أسلف، والسلف بشرط أن سلف المسلفة (١) مثل ما أسلف، ظاهر هذا الشرط يقتضي أن السلف إنما وقع لمنفعة السلف، وسلف يجر منفعة ممنوع.

وكذلك لو اشترى البائع هذه السلعة بأربعة دنانير نقدًا وستة دنانير إلى أجل شهرين أو اشتراها بستة نقدًا وأربعة دنانير إلى شهرين فإن ذلك جار على القولين، لأن الأجل إذا حل دفع المشتري عشرة دنانير يكون بعضها، وهي الستة أو الأربعة، قضاء عما أخذ من البائع وبقيتها سلفًا منه للبائع. لكن لو اختلف العدد ها هنا فاشتراها البائع بأربعة نقدًا وخمسة إلى شهرين أو بخمسة نقدًا وأربعة إلى شهرين لمنع ذلك على المذهبين جميعًا؛ لأن الزيادة ها هنا موجودة لما اختلف العدد، فإذا حل الأجل ودفع المشتري العشرة دنانير التي اشتراها كانت خمسة منها قضاء عن الأربعة التي أسلفه البائع، فالزيادة في السلف متصورة على ما بيّناه.


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: يُسَلَّف.

<<  <  ج: ص:  >  >>