للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما ينخرط في هذا السلك أن يكون الثمن الأول بعضه مؤجلًا وبعضه منتقدًا، مثل أن يبيع رجل سلعة بخمسة دنانير نقدًا وخمسة إلى أجل، ثم اشتراها البائع بثمن هو مقدار الثمن الأول ولكن البائع ينقده كله، مثل أن يشتري هذه السلعة التي باعها بخمسة نقدًا وخمسة إلى شهر بثمن جملته عشرة دنانير فأكثر ينقدها، أو خمسة دنانير فأقل ينقدها أيضًا، أو ستة دنانير فأكثر إلى تسعة دنانير، فإن شراءه إياها بعشرة دنانير جائز لا تتصور فيه منفعة وزيادة محسوسة أو مقدرة لأنه دفع عشرة دنانير أو أكثر منها بخمسة منها قضاء عن الخمسة التي نقده المشتري وخمسة فأكثر نقدها ليأخذها إلى أجل، فهو قد خسر التأجيل خاصة أو التأجيل والزيادة، ولا يمنع من سلف جر خسرانًا. وإن اشتراها بخمسة دنانير فأقل فإنه لا يتصور في هذا تهمة، لأن المشتري نقد أولًا خمسة دنانير فرجعت إليه أو رجع إليه أقل منها فلم يمنع من ذلك. وإن اشتراها البائع بستة دنانير فأكثر إلى تسعة فلن يمنع (١)، لأنه يقدر فيه أن الخمسة التي قبضها البائع ردها على مشتريها وزاده دينارًا أو دينارين أو ثلاثة أو أربعة نقدًا في خمسة دنانير يأخذها منه إلى أجل، فلا يجوز هذا لأنه زيادة في السلف. ولو اشتراها بستة دنانير نقدًا وخمسة إلى أجل، فإن ما علق بالأجل من جهة البائع والمشتري لا فساد فيه، لكن إنما تتصور التهمة بقصد الفساد فيما وقع فيه الانتقاد إلا في أهل العينة خاصة فيقدر أنه أسلف خمسة لترجع إليه ستة من غير تأجيل، وإذا لم يكن المتعاقدان من أهل العينة لم يتهما في هذا.

ومما يشكل أيضًا فيه قصد المنفعة في السلف، واختلف فيه قول مالك، فيمن اشترى دابة بثمن إلى أجل فأصابها عَوَر، أو ما في معناه من العيوب، هل لبائعها أن يشتريها بأقل من الثمن الذي باعها وينقد الثمن؟ فأجاز ذلك في أحد قوليه لأجل أنه إذا باعها بمائة إلى شهر، وهي سالمة من العيوب، ثم اشتراها بخمسين نقدًا، وقد أصابها هزال، فإن الحطيطة ها هنا مصروفة في الظاهر إلى أنها لأجل العيب الذي حدث لا إلى القصد إلى الزيادة في السلف، وبخلاف أن


(١) هكذا في النسختين ولعل الصواب فإنه يمنع.

<<  <  ج: ص:  >  >>