وقد يجري أيضًا على هذا الأسلوب ما اضطرب فيه الأشياخ في هذه السلعة إذا باعها مالكها بعشرة دراهم إلى شهر، ثمّ اشتراها بخمسة دراهم إلى شهر، ثمّ أراد أن يعجّل هذه الخمسة دراهم، فإنّ من الأشياخ من أجاز ذلك لأنّ أصل العقد الأوّل والعقد الثاني وقع على الجواز لا تهمة تتطرّق إليه. فإذا تطوّع مشتريها بخمسة دراهم إلى الأجل بأن ينقد هذه الخمسة دراهم، لم يمنع من ذلك لسلامة العقدين في الأصل من تطرّق التّهمة إليهما. واستشهد هؤلاء بما نصّ عليه أهل المذهب من منع شراء سلعة غائبة أو سلعة على الخيار بشرط نقد الثّمن. فإذا تعاقدا عليها من غير شرط تعجيل، فإنّ من عليه الثمن لا يمنع من أن يتطوّع بنقده لمّا لم (١) يكن مشترطًا في أصل العقد.
ومن الأشياخ من يمنع هذا ورأى أنّ الصورة الّتي منعنا من العقد عليها إذا أظهراه عاد إليها بعد العقد، وأن التّهمة تجري في هذا مجرى اليقين في كونهما قصدا إلى سلف بزيادة، وقد تصوّر هذا ها هنا فيما تطوّع به هذا المتطوّع بالتّعجيل، فوجب أن يمنع. ومن لم يجر هذا مجرى اليقين وإنّما منعه احتياطًا، رأى أنّ البيع الأوّل ماض لو انفرد، باتّفاق، والبيع الثّاني هو سبب تطرّق التهمة، فحسن منعه. والتطوّع بالنقد فعل ثالث، فلا يحسن أن تمتدّ التّهم إلى هذه الأفعال كلّها مع تعدّدها وتباين أوقاتها. وقد كنّا قدّمنا الإشارة إلى اضطراب المذهب في حماية الحماية. وهذه المسئلة ربّما خُرِّجَتْ عليه.