للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمائة دينار إلى سنة، ثمّ اشترى أحدهما بمائة دينار نقدًا أو بمائتي دينار نقدًا لا منفعة له في هذا [حتّى] (١) يتهم على القصد إلى ما لا يجوز لأجلها بل يخسر في هذا. وذلك أنّ العبد الّذي باعه ثمّ ارتجعه كأنَّه لم يبعه ولا خرج من يده، وإنّما استقرّ الأمر على أنّه خرج من يده العبد الباقي في ذمّة المشتري الّذي لم يرتجعه ومائة دينار أو أكثر منها نقدًا، ويأخذ إذا حلّ الأجل مائة دينار. فإنّما يعود إليه عند الأجل من الدّنانير مثل ما خرج من يده أو أقلّ منه، ويزيد على ذلك عبدًا وهو الباقي في يد المشتري. وهذا لا يتّهم فيه أحد. لكن الشيخ أبو إسحاق التّونسي حاول تخريج خلاف في هذا، فقال: إنّ من باع ثوبًا بعشرة دراهم إلى شهر ثمّ اشتراه بثوب نقدأوعشرة دراهم، فإنّ هذا يمنعه عبد الملك, ويجيزه ابن القاسم، لأجل أنّه لا يرى فيه منفعة ولا ربحًا يتحيّل عليه, لأنّ الثّوب المبيع قد رجع إلى بائعه ودفع إلى المشتري ثوبًا آخر وعشرة دراهم يأخذها منه إذا حلّ الأجل، فقد اتّضح ها هنا خسارته لا ربحه. لكن عبد الملك منع هذا وإن لم تكن فيه منفعة ظاهرة، وقدّر أنّ الثّوب الّذي ارتجعه إنّما ارتجعه من معاوضة ثانية وهي في دفع ثوب آخر، وهذه مبايعة قارنها سلف عشرة دراهم يأخذها إذا حلّ الأجل. قال: ولا سيما إن كان الثّوب المدفوع آخرًا أدنى من الثّوب الأوّل.

وأشار بقوله: لا سيما إذا كان أدنى، إلى اتّضاح التّهمة ها هنا. وهذا الّذي أشار إليه قد يكون انفصالًا عمّا لزمه الشيخ أبو إسحاق أن يقول به في المسئلة الّتي ذكرناها, لأنّ ها هنا مبايعة ثانية وهي عرض بعرض، والأعراض تختلف فيها الأغراض، ولا سيما مع اختلاف القيم، فصحّ ها هنا انصراف الغرض إلى التحيّل على البيع والسلف، ومسئلتنا المتقدّمة إنّما ارتجع أحد العبدين بدنانير من جنس الثّمن الّذي له في الذّمّة، والأغراض ها هنا [لا] (٢) تتصوّر كما تصوّر في شراء هذا الثّوب بثوب آخر غيره. وابن القاسم قدّر أنّ هذا رجع كأنّه لم يخرج من يده لا بعوض ولا بغير عوض، وإنّما صار محصول أمرهما أنّ البائع


(١) ساقطة من النسختين والنص يقتضيها.
(٢) ساقطة من النسختين والنص يقتضيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>