للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خرج من يده ثوب وعشرة دراهم، ويأخذ إذا حلّ الأجل عشرة دراهم. وابن القاسم قد قدّمنا أنّ من أصله أن يجيز بياعات الآجال إذا اتّضح ارتفاع التّهمة.

وأشهب يمنعها وإن ارتفعت التّهمة. وعبد الملك يجيزها حتّى يتّضح تصوّر التّهمة فيها، على ما قدّمناه عنه في مسئلة المبادلة سكّة بسكّة في بياعات الآجال. وقد ألزم بعض الأشياخ عبد الملك أن يمنع ما اتّفق المذهب على جوازه, لأنّه اعتلّ في منع شراء الثّوب الّذي باعه بعشرة دراهم إلى شهر، ثمّ اشتراه بثوب وعشرة دراهم نقدًا، فإنّ ذلك يتصوّر فيه البيع والسلف على ما قدّمناه. فقال بعض الأشياخ: يلزمه على هذا أن يمنع من شراء هذا الثّوب الّذي باعه بعشرة إلى أجل بعشرة دراهم نقدًا أو بعشرين درهمًا نقدًا, لأنّه يتصوّر أيضًا فيه أن تكون العشرة دراهم الّتي نقدها سلفًا يأخذها إذا حلّ الأجل، والثّوب الّذي ارتجع بعد أن باعه منفعة حصل عليها لأجل هذا السلف. وكذلك لو اشتراه بعشرين نقدًا فإنّه يتصوّر فيه البيع والسلف، فتكون عشرة من العشرين سلفًا، والعشرة الباقية من العشرين ثمن الثّوب الّذي اشتراه. ولم يختلف المذهب في أنّ هذا غير ممنوع لأنّه إنّما منع ما ذكرناه من بياعات الآجال لأجل التّهمة الّتي تتطرّق إلى المتعاقدين من التحيّل على فعل ما لا يجوز في البياعات. ولا يتّهم أحد أن يسلف عشرين ليأخذ عشرة إلى أجل، ولا في أن يسلف عشرين فيأخذ عشرة إلى أجل (١). وإنّما لم يختلف في جواز هذا لأجل ارتفاع التّهمة فيه. وقد تقرّر أنّ العشرة المؤجّلة استقرّت في ذمّة مشتري الثّوب ثمنًا له، فكيف يتصوّر أنّها ثمن للثّوب وإنّما يدفعها عند الأجل بحكم كونها ثمن الثّوب الّذي باعه آخرًا وقد اشتراه أوّلًا؟ ويتصوّر مع هذا أنّه إنّما يدفعها عند الأجل قضاء عن السلف الّذي انتقد (٢). فتكون العشرة المؤجّلة إذا دفعت عند الأجل تدفع على أنّها ثمن الثّوب، وعلى أنّها ليست بثمن وإنّما هي قضاء


(١) هكذا (إلى أجل) في النسختين ولعل الصواب: (نقدا).
(٢) ابراز للتناقص.

<<  <  ج: ص:  >  >>