للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن شئت صوّرت المسئلة بصورة أخرى، فقدّرت أنّه باع ثوبًا وخمسة دراهم معه بالثّوب الّذي ارتجعه بعد أن باعه بالعشرة دراهم المؤجّلة، فيكون هذا تحيّلًا على بيع عرض ودراهم مؤجّلة. والتّصويران جميعًا لو ثبت القصد إليهما أو إلى أحدهما لاتّضح المنع. فكذلك إذا اتّهما على القصد إليهما.

وقد تقدّم بيان الخلاف في هذه البياعات الّتي منعت لحماية الذّرائع، هل يتسلّط الفسخ على المعاملة في الأولى والثّانية أو على الثّانية خاصة؟ وعلى حسب ما تقدّم بيانه في قيام السلعة أو فواتها. كما تقدّم بيان الوجه الّذي يفيتها لما تقدّم بيان تصوّر البيع والسلف في مسئلة أحد العبدين، وكون القيمة تعتبر فيه كما تعتبر في البيع والسلف، أو يقضى فيه بالقيمة مطلقًا كالبياعات الفاسدة الّتي لم تفسد من ناحية البيع والسلف. وقد قال بعض الأشياخ: إنّ هذه الثلاثة أثواب يختص كلّ واحد منها بحكم غير حكم صاحبه. أمّا (١) أحد الثَّوبين الّذي بقي بيد المشتري لم يرتجع منه، فإنّ البيع فيه نافذ. وأمّا الثّوبان الآخران اللّذان هما الثّوب المرتجع والثّوب المدفوع عوضًا عنه، فإنّهما يفسخ البيع فيهما. لكن هذان الثّوبان وإن تسلّط الفسخ عليهما جميعًا، فإن حكمهما في الفوت وفي القيمة مختلف. فأمّا الثّوب المرتجع، فإنّه لا تفيته حوالة الأسواق على ما قدّمناه من مذهب ابن كنانة وسحنون، وإنّما يفيته التغيُّر الشديد، ويقضى فيه بالقيمة مطلقًا. وأمّا الثّوب الثّالث الّذي هو عوض الثّوب المرتجع، فإنّه تفيته حوالة الأسواق كما تفيت البياعات الفاسدة الّتي فسادها من غير جهة السلف. وكذلك يعتبر في القيمة (٢) ما يعتبر في البيع المشترط فيه السلف. وقد قدّمنا نحن ذكر القيمة في مثل هذا وما قاله بعض أشياخي فيه. وأنت إذا عرضت هذا على ما تقدّم علمت منه تخريج هذا الّذي قيل في هذه الثّلاث ثياب، هل يفسخ البيع في الثّلاث ثياب مع كونها لم تفت؟ أو يصح البيع في الثّوب الباقي بناء على فسخ البيعتين جميعًا مع القيام؟ أو باختصاص الفسخ بالبيعة الثّانية لتصحّ الأولى


(١) في النسختين: وأما.
(٢) في النسختين (قيمة)، ولعل الصواب ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>