وترتفع الشبهة الّتي أدخلت الفساد؟ وفسخ هذين الثّوبين يصحّح البيع في الثّوب الباقي الّذي على هذه الطّريقة. وكذلك إذا فاتت الثّياب، فقد تقدّم ذكر المذاهب فيها، فتخرّج هذه على ما تقدّم. لكن هذا الّذي وقع ها هنا من تفصيل هذا القائل وتفرقته في الحكم بين الثّوب المرتجع والثّوب المدفوع عوضًا عنه، إنّما وقعت المعاملة الثّانية فيهما بعقد واحد، فلا ينفرد أحدهما بحكم عن صاحبه. وكلّ واحد منهما عقَد على شرط السلف. وإذا بيع ثوب بثوب بشرط السلف، فالفساد من ناحية الشّرط يتصوّر في الثّوبين على وجه واحد. وإذن اختلف الحكم باختلاف محلّ السلف، هل هو من البائع أو من المشتري على ما يأتي بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى. وقد ذكرنا فيما تقدّم ما قاله بعض الأشياخ في مناقضة عبد الملك من إحالة كون الشّيء الواحد يحكم له بحكم عقدين مختلفين، لما بيّناه أنّه لا يمكن أن يكون الثّمن قضاء عن السلف وثمنًا للثّوب. فكذلك الأمر فيما نحن فيه إذا كان الثّوب المرتجع عوضًا عن الثّوب الّذي دفع آخرًا لم يتصوّر افتراق حكم الثّوبين. وينبغي أن يلتفت إلى مقتضى حكم التّعليلين المذكورين في المدوّنة في هذه المسئلة من كون المنع لما يتصوّر من بيع وسلف، وما يتصوّر من بيع عرض وفضّة بفضة مؤجّلة، فإنّ الاقتصار على التّعليل ببيع عرض وفضّة بفضّة مؤجّلة يقتضي إيجاب القيمة مع الفوت مطلقة. والتّعليل بالبيع والسلف يجري على ما ذكر من الخلاف فيه إذا وقع السلف مشترطًا في أصل البيع عند من يذهب إلى أنّ المظنون ها هنا الممنوع لحماية الذّريعة يجري مجرى المشترط من السلف.
والجواب عن السؤال الرّابع أن يقال: إذا باع الرّجل ثوبًا بعشرة دنانير إلى شهر، ثمّ اشتراه منه بخمسة دنانير وثوب من نوعه أو من غير نوعه، فإنّ ذلك ممنوع لما يتصوّر فيه من البيع والسلف على حسب ما صوّرناه مرارًا. وذلك أنّ الثّوب الّذي بيع ثم ارتجع ملغى مطرح كأنّه لم يبع، وحصل من الأمر أنّ البائع يُخرج من يده الآن خمسة دنانير وثوبًا يأخذ عوضًا عن ذلك عشرة دنانير إذا حلّ الأجل. فخمسة من هذه الّتي أخذها لمّا حلّ الأجل قضاء عن الخمسة الّتي