للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليأخذ أكثر منه. وإن كان الثّمن أكثر من الأوّل، تصوّر فيه البيع والسلف. لأنّه خرج من يده مائة قفيز قمحًا وارتجع مائة قفيز وخمسين ودفع خمسين دينارًا وهي ثمن الخمسين قفيزًا الزّائدة على المائة الّتي كان باعها. وإن كان الثّمن أقلّ من الثّمن الأوّل يتصوّر فيه الزيادة في السلف من ناحيتين من ناحية زيادة قيل الثّاني على الأوّل وأنّه يدفع خمسين دينارًا نقدًا ويأخذ مائة عند حلول الأجل.

ولو كان شراء القمح الثّاني بثمن إلى أبعد من الأجل لأجريت في هذا ما صوّرناه.

لكن يكون المسلف ها هنا دافع الدنانير لمّا حلّ الأجل، فينظر ما يعود إليه عند الأجل الثّاني، هل تتصوّر فيه زيادة فيكون سلفًا بزيادة فيمنع، أم لا؟ وهذا اقتصرنا فيه على التّنبيه لأنّ ما تقدّم من المسائل الكثيرة الّتي مثّلنا بها تلك الأنواع المتقدّمة توضح وجوه العلل المختلفة في هذا الباب.

وكذلك يمنع أن يشتري القمح الثّاني بأقلّ من الثّمن الأوّل على الإطلاق، لأنّ الثّمن الأوّل إذا أنقد عند المعاملة الثّانية ثمّ أخذ أكثر منه عند الأجل الأوّل، صار مسلفًا دنانير ليأخذ أكثر منها. ويجري أيضًا في التمثيل لو كان ثمن الثّاني إلى أبعد من الأجل على ما قدّمناه. لكن من (١) اعتبر دفع قليل ليؤخذ عنه ما هو أكثر منه. فتلخّص من هذا أنّ جملة ما يمنع وجهان:

١ - أن يكون القمح الثّاني أكثر من القمح الأوّل،

٢ - أو يكون ثمن الثّاني أقلّ من الثّمن الأوّل. هذا مع اختلاف الأجلين حتّى تحصل التّهمة في دفع قمح سلفًا ليؤخذ أكثر منه، أو دنانير سلفًا ليؤخذ أكثر منها. وأمّا لو كان البيع الثّاني إلى الأجل الأول حتّى يتقاصّا بالأثمان ولا يدفع أحدهما لصاحبه شيئًا، لم نراع اختلاف مقدار الثّمنين, لأنّه إذا لم يدفع أحدهما إلى الآخر شيئًا لم تتصوّر التّهمة على سلف قليل ليأخذ كثيرًا. وإذا اتّفق الأجل لم يراع اختلاف الثّمن إلَاّ فيما صوّرناه في زيادة المكيلة وكون الزّيادة سلفًا. وقد تصوّر من هذا أنّ الشّراء بمثل المكيلة فأقلّ بمثل الثّمن فأكثر، لا تهمة فيه على ما اقتضاه التّفصيل والتّعليل المتقدّم في اعتبار ما ينقد في المعاملة الثّانية أو لا ينقد. وكذلك نعلم من هذا التّصوير


(١) هكذا في النسختين: لكن من اعتبر. ولعل الصواب: لكن مع اعتبار.

<<  <  ج: ص:  >  >>