فلهذا لم يقض بمثله. وقد ناقض ابن الموّاز ابن القاسم في مذهبه في الثّياب بأن قال: إنّه يمنع من أسلم ثيابًا في حيوان أن يقبل (١) المسلم إليه على ثياب أكثر منها عددًا. ويرى ذلك سلفًا بزيادة، فأجراه ها هنا مجرى العين والطّعام على التّهمة على سلف بزيادة فينبغي أن يجري مجرى الطّعام أيضًا في منع شراء أكثر من الثّياب. وانفصل عن هذا الشّيخ أبو محمّد بن أبي زيد بأنّ هذا المقيل من هذا السلم لما أقال منه انحل العقد بالإقالة وبطل ما في الذّمّة مِمّا هو ثمن الثياب، فإذا بطل ما في الذّمّة حصل من الأمر أنّه أخرج من يده ثيابًا وأعاد إليه مثلها بزيادة، فحسن ها هنا أن يتّهما على سلف بزيادة لمّا صارت الثّياب المزيد في عددها هي عوض الثّياب الّتي أسلمت في الحيوان، وثمن الثّياب الّتي أسلمت قد بطل بالإقالة. وأمّا إذا باع ثيابًا ثمّ اشترى أكثر منها مِمّن باع الثّياب أوّلًا منه، فإنّ البيع الأوّل لم يبطل، وثمن الثيّاب الأولى باق في ذمّة مشتريها على حسب ما كان عليه، والثياب الثانية قد اشتراها بثمن آخر بعده، وحين شرائها لم يبطل الثمن الأوّل، فتعدّ الثياب الثّانية ثمنًا للثّياب الأولى لما بطل ثمن الأولى. وها هنا ثمن الأولى باق على ما هو عليه. وهذه الثياب مع ما زيد عليها قد أخذ ثمنها، فلا يصحّ أن يجعل ما انتقد ثمنًا لها، ويكون مع هذا ثمنًا أيضًا للثّياب الأوّل، فيكون لها ثمنان اثنان، وهذا واضح. وقد كنّا قدّمنا هذا الفرق عن بعض الأشياخ المتقدّمين لنا، قيل لهم: يلزم ابن القاسم أن يمنع بائع الطّعام أن يشتري أقلّ من المكيل بمثل الثّمن، كما مَنَع أن يقتضي من ثمن الطّعام طعامًا أقلّ منه.
وذكرنا عنه ما دفعوا به هذه المعارضة والإلزام، وهو مثل هذا الّذي سبقهم إليه الشيخ أبو محمّد ابن أبي زيد رحمه الله على ما نبّهناك عليه من سبب الخلاف في شراء ثياب أمثال الثّياب المبيعة أوْ لَا يجرى حكم من باع قمحًا سمراء ثمّ اشترى قمحًا محمولة، هل يجوز ذلك لمّا علم أنّ القمح الثّاني ليس هو عين الأوّل أو أن يمنع؟ وإن كان الّذي اشتراه محمولة أو شعرًا، يكون ما اشترى وما