للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عجّلت له قبل أجلها، فيتصوّر فيها أن يزيده شيئًا ليقبل منه الثّياب الّتي لم يكن يلزمه قبولها. فقد صارت مسئلة الحمار ومسئلة الفرس يجريان مجرى واحدًا في التّقسيم والتّعليل، سوى أنّهما يفترقان في تصوّر المعاوضة على حطّ الضّمان كما بيّناه. فإذا تقرّر هذا ووقعت هذه الإقالة، فإنّ ذلك يفسخ، ويردّ الحمار والدّينار الّذي أخذ معه إلى يد المشتري، وتبقى العشرة دنانير في ذمّة المشتري إلى أجلها. فإن فات الحمار، فاضطرب الأشياخ في الواجب فيه على طريقتين: هل يجري في ذلك من الخلاف ما جرى في بياعات الآجال إذا فاتت، على حسب ما كنّا ذكرنا من مذاهب أصحابنا في ذلك أم لا؟ فمنهم من صار إلى أنّ ذلك يجري مجرى بياعات الآجال. واختار بعضهم فسخ البيعتين جميعًا الأولى وهي بيعه بعشرة دنانير إلى سنَة، فيفسخ بأن يسقط عن الذّمّة الثّمن الّذي هو العشرة دنانير إلى سنة، وتفسخ الثّانية بأن يكون الحمار الّذي فات من يد بائعه أوّلًا مصيبته منه لمّا وجب ردّه عليه بفسخ البيعة الأولى، ويردّ ما أخذ من الذّهب لمّا ارتجع الحمار، وهي الرّواية المشهورة. أو يعتبر في هذا بفسخ (١) ما كنّا قدّمناه من كون قيمة السلعة إن كانت أقلّ مِمّا يأخذه البائع إذا حلّ الأجل فسخ البيعتان (٢) جميعًا لئلاّ يكونا قد مكّنا من دفع دنانير في أكثر منها. وإن كانت القيمة مثل ما يأخذ إذا حلّ الأجل أو أكثر منه، لم تفسخ البيعة الأولى، كما قدّمناه من مذهب ابن كنانة وسحنون.

ومنهم من أنكر إجراء هذه المسئلة على ما وقع من الخلاف في الآجال، وفرّق بين هذه وتلك بأنّ ما كنّا حكينا فيه الخلاف في بياعات الآجال إنّما يتصوّر الفساد إذا ربطنا البيعة الثّانية بالبيعة الأولى، وقرّرنا أن من باع ثوبًا بمائة دينار إلى أجل شهر ثمّ اشتراه بخمسين نقدًا، أنّ قصدهما كونُ الثّوب محلَّلًا، وأنّ المائة إنّما ثبتت في الذّمّة إلى شهر عوضًا عن الخمسين الّتي دفعت نقدًا،


(١) هكذا في النسختين، والأقرب: (بنفس).
(٢) هكذا في النسختين.

<<  <  ج: ص:  >  >>