قابضًا لها, لأنّه قبضها قبضًا فاسدًا قضاء عن مَالَهُ في الذمّة من مثلها، وأنّ الواجب ردّها إذا لم يحلّ الأجل، فإذا حلّ وقد شاركه غرماء في الطلب، وجب أن يحاصّهم في ذلك، على ما سنبسط في كتاب التّفليس إن شاء الله تعالى.
وأمّا المسئلة المعروفة بحمار ربيعة، فإنّ صورتها مثل صورة الفرس الّتي فرغنا من الكلام عليها. وذلك أنَّه ذكر ربيعة فيمن باع حمارًا بعشرة دنانير إلى سنة ثمّ استقال المبتاع البائع على أنْ ردّ الحمار وزاده دينارًا، أنّ ذلك كلّه لا يجوز. وإذا تدبّرت ما قدّمناه من التّعليل في مسئلة الفرس وجدت البيع والسلف يتصوّر في مسئلة الحمار كما يتصوّر في مسئلة الفرس، لأنّ محصول مسئلة الفرس أنّه أسلم فرسًا في عشرة ثياب إلى أجل، وأخذ الفرس عوضًا عن بعض الثّياب المسلم فيها وعجّل له بقيّتها. وكذلك ها هنا أخذ الحمار عن بعض ثمنه وهي العشرة دنانير وعجّل له بقيّة العشرة، ولا فرق بين أن يكون ثمن الدّابة، فرسًا كان أو حمارًا، عرضًا أو عينًا، لأنّ المعجّل من هذين هو السلف، وما سقط من الذّمّة عوضًا عن الدّابّة المرتجعة هو البيع. ويتصوّر في هذا من التقّسيم الوفاقي والخلافي ما صوّرناه في مسئلة الفرس. فإنْ ردّ الحمار انتقض الثّمن وأبقى بقيّته إلى أجله، جاز ذلك. وإن أخّر بقيّة الثّمن إلى أبعد من أجله، كان بيعًا وسلفًا. وإن عجّل بعض الثّمن جرى على القولين المتقدّمين، هل يكون التّعجيل سلفًا قارنه بيع فيمتنع؟ أو لا يعدّ سلفًا لكون القصد براءة الذمة وفراغها، فيجوز على ما تقدّم بيانه؟ وكذلك يتصوّر في مسئلة الحمار ما يتصوّر في مسئلة الفرس من وضع بعض الحقّ على تعجيل بقيّته, لأن الحمار قد يكون يأخذه بائعه بأقلّ من قيمته، فيكون ما وضع من ثمنه عوضًا لما عجّل له من بقيّة الثّمن. وأمّا ما تقدّم في مسئلة الفرس من التّعليل الثّالث وهو الزّيادة على حطيطة الضّمان، فلا تتصوّر ها هنا لكون الثّمن في مسئلة الحمار دنانير، ومن عليه دنانير له أن يعجّلها قبل أجلها، وإن كره من استحقّها عليه، فإن كان له ذلك، فلا يحتاج إلى أن يرغب إلى مستحقّ الدّنانير في قبولها منه معجّلة، فيأبى عليه فيزيده شيئًا ليقبل التّعجيل منه، والثّياب لا يجبر مستحقّها على قبولها إذا