للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتبار قيمة المعاوضة لأجل ما قارنها من تعجيل بعض الدّين) (١) حسًا ومشاهدة. فإذا تقرّر ما يمنع من هذا وما لا يمنع بخلاف فيه أو اتّفاق في الحكم أو التّعليل، فإنّه إن وقع هذا على وجه ممنوعٍ منه فإنّه يجب فسخه وإمضاء السلم على ما كان عليه في العقد الأوّل، فيردّ الفرس أو السلعة إلى دافع ذلك، وتردّ الثيّاب أيضًا إلى دافعها حتّى تنقض المعاملة الثّانية بجملتها. فإن فاتت الثّياب أو فات الفرس، ردّ قيمة ذلك. فإن قيل: فإنّ الثيّاب الخمسة إذا عجّلت كانت سلفًا فاسدًا، والسلف الصحيح إنّما يَرُدُّ مع ذوات عينه مثلَه، فهكذا ينبغي أن يكون الفاسدُ. قيل: لمّا وجب ردّ هذا السلف إذا كانت عينه قائمة، صار من أتلفه كأنّه أتلف (٢) ثوبًا هو على ملك غيره، فيكون على المتلِف ردّ مثله.

وسنبسط هذا إذا تكلّمنا على القرض الفاسد المذكور في كتاب بيوع الآجال.

والّذي مضى عليه أكثر الأشياخ أنّ القيمة تردّ إذا وقع الفوت بالغة ما بلغت وأنّ المعاملة الثّانية تفسخ على كلّ حال. لكن بعض أشياخي مال إلى أنّ (٣) من قبض هذه الخمسة ثياب على جهة السلف ليقبضها من نفسه مسلفها إذا حلّ الأجل، يخيّر بين ردّ هذه الخمسة ثياب ليصحّ البيع والمعاملة في الفرس، كما يصحّ البيع المشترط فيه السلف إذا سقط السلف، أو يمتنع من إسقاط حقّه في هذا السلف، وتفسخ المعاملة الثّانية على كلّ حال. ولم يتعرّض في القيمة إلى ما حيكناه عن غيره. وقد كنّا قدّمنا نحن الإشارة إلى العذر عن هذا في مسئلة من باع عبدين بمائة دينار إلى شهر ثمّ استردّ أحدهما ببعض الثّمن نقدًا.

وإذ لم يُشْعَر بما فعلاه من الفساد حتّى حلّ الأجل، فإنّ الخمسة ثياب المقبوضة يُتَمسك بها ويطلب الخمسة الباقية في الذّمّة إذ لا فائدة في إعادتها إلى دافعها وأخذها منه في الحال بحكم ما وجب عليه من قضاء ما عليه من سلم. لكن لو كان على المسلم غرماء، لم يستحقّ هذه الخمسة ثياب دونهم، لأجل كونه


(١) ما بين القوسين ساقط من و.
(٢) في نسخة المدينة: صار من أسلفه كأنه أسلف.
(٣) في نسخة المدينة: رأى أن.

<<  <  ج: ص:  >  >>