للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون المسلم إليه أحقّ بالثيّاب الّتي بقيت عليه من غرماء المسلم (١)، لكون ما في ذمّته كأنَّه باق على من عجّلت له الثيّاب حتّى يحلّ الأجل، فيقضي ذلك عنه. وهذا الّذي اعتلّ به بعض أشياخي غير لازم, لأنّه لمّا عجّل هذه الثياب على جهة السلف الحال بها على نفسه واستحقّ بها ما في ذمّته، وهو حائز لما في ذمّته، فكان أحقّ بذلك من الغرماء، كما يكون أحد الغرماء أحقّ بما أحيل عليه أو قبضه رهنًا. وهذا التّعليل بوضعٍ (٢) لأجل التّعجيل أو زيادة لأجل إسقاط الضّمان. فإنّ الشّيخ أبا إسحاق استضعف هذا وقدح فيه بأنّ المعاوضة بالفرس أو سلعة غير الفرس عن جملة العشرة ثياب لو وقعت قبل الأجل، لم يمنع ولم يعتبر أحد من أهل المذهب كون السلعة أو الفرس دون قيمة العشرة ثياب أو أكثر من قيمتها، فكذلك لا تعتبر القيمة في المعاوضة عن الخمسة ثياب، إذ لا فرق بين المعاوضة، عن كلّ الدّين أو عن بعضه. واستشهد على هذا بأنّ مالكًا رضي الله تعالى عنه لمّا سئل عمّن له ثياب، فأراد أن يضع من عددها بشرط تعجيل البقيّة. قال: أنا أدلّك على ما هو خير، خذ بها عرضًا. فأشار ها هنا إلى أنّ أخذ العرض عن جملة الدّين لا يمنع وإن قصد به المسامحة لأجل التّعجيل. وهذه الرّواية الّتي اعتمد عليها الشّيخ أبو الحسن (٣). وقد وقع لمالك أيضًا مثلها، فقال فيمن له عشرة دنانير مؤجّلة فأراد الاستعجال بحطيطة منها فعدلَا عن ذلك، لمّا لم يجز، إلى أخذ عرض أنّه لا بأس به؛ لأنّهما أخطئا في القول وأصابا في الفعل. وأنكر بعض الأشياخ هذا الّذي أشار إليه أبو إسحاق لأجل أنّ الدّين كلّه قد بيع جميعه بعرض، ولم يتعجّل بشيء من جنس الدّين فتتصوّر فيه مسامحة لأجل التّعجيل أو زيادة لأجل سقوط الضّمان، وها هنا قد عجّل بعض الدّين (ولم يكن تعجيله لأنّ ما قارن ذلك معاوضة، صحّ


(١) في نسخة المدينة: من غير ما أسلم إليه.
(٢) في النسختين: يوضع.
(٣) هكذا في النسختين، والنص يقتضي: (أبو إسحاق)

<<  <  ج: ص:  >  >>