والسلف على حسب ما قدّمناه في المسئلة الأولى. لكنّ الشيخ أبا محمّد ابن أبي زيد نبّه على ما قد يتعقّب في هذه المسئلة دون الّتي قبلها. فقال: هذه البيعة الّتي وقعت على النّقد ينبغي ألاّ يتّهم فيها إلَاّ أهل العينة، كما قيل في بياعات النّقود. لكن هذا الاعتراض ساقط لأنّ هذه البيعة الثّانية يتصوّر فيها البيع والسلف من تلقاء نفسها من غير إسنادها إلى البيعة الأولى. وإنّما يتصوّر فيها الوجه الممنوع وهو البيع والسلف، بشرط أن تكون البيعة الأولى صحيحة ثابتة تكون العشرة دنانير ثابتة في الذّمّة، فأخّر منها دينارًا يجب أن يقدّمه. وما كنّا أفضنا في ذكره في بياعات الآجال الممنوعة للوجوه المتقدّمة، فإنّما يتصوّر الفساد فيها إذا أسندت البيعة الثّانية إلى البيعة الأولى حتّى يسري الفساد إلى الأولى كما يسري في الثّانية كما تقدّم بيانه ومثاله. فشتّان ما بين فساد يتصوّر في المسئلة من قِبَل نفسها من غير افتقار إلى إسنادها إلى بيعة تقدمتها وبين ما لا يتصوّر فساده إلاّ بأن يُبنَى على بيعة تقدمته يسري إليها الفساد أيضًا. وقد كنّا قدّمنا نحن في أوّل هذا الكتاب هذا الفرق في مسئلة أخرى، وذكرنا مناقضة ابن الموّاز لابن القاسم في سؤال ينخرط في هذا السلك. وجوابَ الشَّيخ أبي محمّد بن أبي زيد وغيره عنه. وقد قيّد الشيخ أبو محمّد بن أبي زيد هذا النّقد عن ربيعة بأنّ المشتري لم ينقد العشرة دنانير. وتابعه على هذا بعض الأشياخ، فقال: يجوز للمشتري إذا نقد أن يزيد لأنّها بيعة ثانية لمّا نقد ثمن الأولى.
فأشار إلى إباحة الزّيادة مطلقة.
وأنكر هذا التّقييد بعض المتأخّرين، وقال: قد يتصوّر البيع والسلف وإن (١) نقد المشتري لأنّه يقدّر فيه أنّه اشترى الحمار بتسعة من الدّنانير الّتي نقدها على أن أسلفه قابضها الدّينار العاشر ليأخذ منه إلى أجل. فإذا وضح أيضًا ما نصّ عليه ربيعة من هذا الفرع الواحد الّذي ذكره في بيعة النّقد، فلنفرّع عليه أيضًا كما فرّعنا في السؤال الّذي قبله.