للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أنّ الشريعة تمنع ها هنا أن يزيد دراهم أو عرضًا إلى أجل؛ لأنّه ردّ الحمار ببعض ما وجب عليه أن ينقده، وبقيت العشرة دنانير الّتي كان وجب عليه نقدها فسخت في "رهم أو عرض إلى أجل. وأمّا إذا زاد دينارًا وهو من سكّة الثّمن الّذي اشترى به نقدًا، فإنّ ذلك جائز, لأنّه قضى بعض ما عليه من العشرة، ودفع عن بقيّتها حمارًا. وأمّا إن كان الدّينار الّذي زاد غير سكّة الثّمن، لم يجز ذلك, لأنّه قضى ما عليه من العشرة دنانير حمارًا ودينارًا من غير سكّة الثّمن الّذي في ذمّته لم ينقده. وإن زاد دراهم، فإنّ ذلك يجري على الاختلاف في البيع والصرف, لأنّه دفع الحمار عن بعض ما عليه من العشرة دنانير دراهم وذلك صرف. فيجوز منه عند ابن القاسم ما تقاصر عن مقدار الدّينار، ويجوز عند أشهب على الإطلاق.

وأمّا لو كانت الزّيادة من البائع، لكان الحكم فيها كحكم ما قدّمناه من زيادة في بيعة النّسيئة، فيجوز له أن يزيد ما شاء نقدًا أو مؤجّلًا، إلاّ أن يزيده من صنف الحمار الّذي ارتجع، فيكون ذلك سلفًا، فيتصوّر فيه ما بيّناه في المسئلة الّتي قبل هذا.

ومِمّا يلحق بما نحن فيه، وذكره في المدوّنة فيمن باع عبده بعشرة دنانير على أن يبيع منه الآخر عبده بعشرة دنانير، أنّ ذلك إن كان على جهة المقاصّة العشرة بالعشرة، جاز ذلك, لأنّ المعتبر بالأفعال الّتي حصل عليها المتبايعان لا بالألفاظ الّتي تحسن أو لا تحسن. والّذي حصل عليه ها هنا المتبايعان بيع عبد بعبد، ومقابلته الدّنانير بالدّنانير لا محصول له إذا لم يخرج مضمون ذلك إلى الفعل. فلو وقع العقد على أن يخرج هذا العشرة مع العبد وهذا العشرة مع العبد، لكان ذلك ممنوعًا, لأنّ (١) حصل من فعلهما أنّ أحدهما دفع عبدًا وعشرة دنانير في عبد وعشرة دنانير، وقد تقدّم وجه المنع من هذا. ولا خفاء في أنّ هذين المتبايعين إن شرطا ألاّ يخرج واحد منهما الدّنانير، فإنّ ذلك لا يجوز.


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: لأنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>