للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوجه مع بعدهما منه، دل ذلك على أن ذلك موضعهما الذي لا يجزئ إيقاع الفعل إلا عليه. وأيضًا فإنه عليه السلام توضأ ورتب على حسب ما ورد به القرآن، وقال: "هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به" (١). وهذه إشارة إلى الفعل وترتيبه (٢).

فاقتضى ذلك وجوب الترتيب. وأيضًا فإنها عبادة يبطلها الحدث، فوجب أن تبطلها التفرقة كالصلاة.

ووجه القول بأنه سنة. أن الواو لا توجب الترتيب. وإنما أصل موضوعها الجمع والاشتراك. وهذا هو (٣) المشهور والمنصوص في كتب النحاة. وإذا لم تقتض الترتيب، لم يكن في الآية دليل على الوجوب.

وأما تفرقته سبحانه بين المغسولين بذكر الممسوح فإنما ذلك لأن المسح في معنى الغسل وكالمجانس له. وقد قدمنا أن بعض أهل اللغة سمى (٤) الغسل مسحًا. وذكرنا عن بعضهم أن المسح خفيف الغسل. وهذا يحسن معه الفصل بين المغسولين بذكر الممسوح.

وأما ذكره الرأس بعد اليدين وهو أقرب إلى الوجه، فإنما ذلك لمجانسة حكم الوجه واليدين في أنهما مغسولان. ولأن الرأس يشارك الرجلين في بعض الأحكام وهو سقوطه مع الرجلين في التيمم، فحسن تأخير ذكره لذلك.

وأما قوله عليه السلام: "هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به". فإن ذلك إشارة إلى الفعل لا إلى ترتيبه (٥)، ومن زعم أنه إشارة إليهما فعليه الدليل.

وأما قياس الوضوء على الصلاة فإنه غير مسلم لأن الوضوء وإن شارك الصلاة في أنهما يبطلان بالحدث، فقد فارق الصلاة في أحكام كثيرة. فليس


(١) عن ابن عمر قال توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحدة واحدة فقال هذا وضوء من لا يقبل الله صلاة إلا به. ابن ماجة ٤١٩.
(٢) ورتبته في -ح-.
(٣) هو ساقطة -ح -ق-.
(٤) يسمي -ح -ق-.
(٥) رتبته -ج-.

<<  <  ج: ص:  >  >>