للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأحد أن يجعل الوضوء كالصلاة لاجتماعهما في حكم، إلا وللآخر أن يجعله بخلافها لافتراقهما في أحكام. وأيضًا فإن رد الطهارة إلى طهارة أولى من رد طهارة إلى صلاة (١). فلو ابتدأ المغتسل من الجنابة بأسفل بدنه على خلاف ما ورد به الخبر في صفة الغسل لأجزأه. وإن كان بعض أصحابنا حكى في ذلك اختلافًا. لكن الجمهور من الموجبين للترتيب في الوضوء على سقوط الترتيب في الغسل. وقد قال ابن الجهم من أصحابنا قد أجمع على أنه لو بدأ في غسل ذراعيه بالمرافق لأجزأه، وإن كان قد خالف ظاهر القرآن، لأن الله سبحانه جعلهما نهاية، وهذا جعلهما بداية. فإذا أجزأه ذلك مع مخالفته الظاهر أجزأه مخالفة الترتيب أيضًا.

وإذا ثبت سقوط الوجوب بهذا الذي ذكرناه، وكان المنقول عنه - صلى الله عليه وسلم -، أنه توضأ على حسب ما ورد به القرآن. وتكرر فعل ذلك منه اقتضى ذلك أنه سنة.

ووجه القول بأنه مستحب ما كنا أشرنا إليه. وذلك (٢) أن ابن خويز منداد قال: كل ما لا تفسد الطهارة بتركه فليس سنة، وإنما هو مستحب. والترتيب عنده لا تفسد الطهارة بتركه، فكان مستحبًا. وقد قدمنا الكلام على هذه الطريقة.

والجواب عن السؤال الثالث: أن يقال: إن ترك الترتيب وصلى بوضوء غير مرتب فإنه لا يجب عليه إعادة الصلاة إلا أن يتعمد ترك الترتيب، فيختلف في ذلك على الاختلاف (٣) في ترك السنن تعمدًا. والإعادة وإن كانت غير واجبة فإنا نأمره بها على وجه (٤) الندب كما نأمره بذلك في ترك السنن. وأما على القول بأنه مستحب فإنا لا نأمره بإعادة الصلاة، ولكنا نستحب له إعادة الوضوء مرتبًا (٥)، ونأمره به ويكون الأمر به، أخفض من الأمر في الرتبة إذا قلنا أنه سنة. وإذا


(١) وقع خلط في ترتيب أوراق النسخة (١) فأتى تمام الكلام في ص ٤٣ والموجود في ص ٣٩ - ٤٠ - ٤١ - ٤٢. لا يتصل بهذا البحث.
(٢) وذكر -ح-.
(٣) اختلاف -و-.
(٤) جهة -ح-ق-.
(٥) مرتبًا ساقطة -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>