للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أوجبنا إعادة الوضوء مرتبًا فكيف وجه ترتيبه؟ لا يخلو ذلك من قسمين أحدهما أن يذكر ذلك بالقرب والثاني أن يذكره بالبعد. فإن ذكره بالقرب بني على الوضوء الذي يحصل (١) الترتيب دون إعادته. مثل أن يبدأ بغسل رجليه ويختم بغسل وجهه، فإنه لا يعيد غسل وجهه بل يبني عليه ويعيد ما سواه مرتبًا. لأنه متى فعل ذلك بالقرب حصل الوضوء متواليًا مرتبًا فلم يبق عليه أمر يتطلبه. فإن ذكره بالبعد وقد تعمد ترك الترتيب ابتدأ الوضوء من أوله. لأنه إن بني على العضو الذي يصح الترتيب دونه أحل بالموالاة بين ذلك العضو وما بعده، وقد كان أصل إخلاله بذلك تعمدًا. والإخلال بالموالاة على جهة العمد يمنع من صحة الوضوء على الطريقة المشهورة عند الجمهور من أصحابنا.

وإن لم يتعمد ترك الترتيب ولكنه أحل بالترتيب ناسيًا فليس عليه إعادة (٢) الوضوء بل يبني على العضو الذي يصح الترتيب دونه. فإن أفسد الترتيب بتقدمة الذراعين على الوجه خاصة، فهل يؤخر ما قدم خاصة؟ أو يؤخر ما قدم ويعيد ما يليه؟ اختلف في ذلك. فقال ابن القاسم: يؤخر ما قدم خاصة إذا ذكر بالبعد لأن منه دخل الخلل فإذا أصلحه زال الخلل وصح الترتيب.

وقال ابن حبيب بل يؤخر ما قدم ويعيد ما يليه لأنه إذا أخر ما قدم صار ما يليه مغسولًا قبل هذا الإصلاح. فلم يصح الترتيب إلا مع إعادة ما يليه.

وقد اعترض أبو إسحاق مذهب ابن القاسم بما وجهنا به مذهب ابن حبيب، من أنه إذا غسل ذراعيه آخرًا، واقتصر على ذلك صارت طهارة الذراعين والرجلين المتقدمة سابقة لغسل الذراعين المعاد (٣)، فإن أعاد غسل الذراعين بالترتيب بينهما وبين الوجه أفسد ذلك الترتيب بينهما وبين الرأس وما بعده. فلا وجه للاقتصار على فعل ما يصلح من جهة ويفسد من أخرى. وانفصل عن هذا الاعتراض بعض حذاق الأندلسيين بأن طهارة الرأس والرجلين قد حصل لهما


(١) يصح -ح-.
(٢) ابتداء -ح-.
(٣) أي الغسل -والمعاد ساقط، -ح-.

<<  <  ج: ص:  >  >>