عين المبيع، فإذا استحال ردّه لعدمه، أو ما هو في حكم العدم، رُدّت قيمته على الإطلاق بدلًا من عينه. والّذي في المدوّنة أنّ القيمة الواجبة يلتفت فيها إلى زيادتها على ما رضي به المسْلِف.
فإن كان السلف من المشتري: اشترى سلعة بمائة على أن أسلف خمسين، فإنّ للبائع الأكثر من الثّمن أو القيمة. فإن كانت القيمة مائتين أو أكثر أخذها. وإن كانت القيمة أقلّ من مائة دينار، لم ينقص المشتري من ذلك لأنّه رضي بمائة دينار ثمنًا معها خمسون دينارًا يدفعها سلفًا، فإذا قضينا عليه بالثّمن وهو المائة، وأسقطنا عنه ما هو كبعض الثّمن، وهو ما التزم من سلف، فإنّه قد أحسن إليه في هذا إذا قضينا عليه بالقيمة ما لم ينقص من الثّمن.
وإن كان السلف من البائع، كان له الأقلّ من الثّمن أو القيمة، فإن كانت القيمة خمسين أو ستّين دينارًا، لم يلزم المشتري أكثر من ذلك لأنّها عوض العين الّتي وجب عليه ردّها لفساد العقد. وإن كانت القيمة مائتين، لم يلزم المشتري إلاّ المائة الّتي هي الثّمن لأنّ البائع رضي أن يأخذ مائة على أن يسلف خمسين. فإذا أسقطنا عنه السلف، فكأنّا أسقطنا عنه بعض الثّمن وأحسن إليه بذلك، فلا يزاد عليه.
والتفت أصبغ إلى هذه الطريقة، ولكنّه رأى أنّ القيمة إذا زادت على المائة الّتي هي الثّمن، والخمسين الّتي هي السلف، المشترطة على المشتري، فإنّه لا يقضى للبائع بأكثر من مائة وخمسين. ويقال له أيضًا: أنت رضيت بالمائة تملكها ملكًا مؤبّدًا وبمنفعة خمسين الّتي هي السلف، فإذا ملكناك هذا السلف ملكًا مؤبّدًا لا تردّه أبدًا، فقد أحسن إليك، فلا تزاد على مائة وخمسين شيئًا، وإن زادت قيمة السلعة على ذلك.
وطرْد مذهب أصبغ إذا كان السلف من جهة البائع، أن يكون على المشتري القيمة ما لم تنقص عن خمسين دينارًا. لأنّه أيضًا يقال له: أنت رضيت بأن تدفع مائة دينار ثمنًا، فيردّ قابضها إليك منها خمسين دينارًا سلفًا تتّجر بها