للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشّيخ أبا إسحاق أشار إلى إشك الذي صحّة إسقاط هذا الشرط بعد فوات فوت المبيع إذا كان السلف لم يقبض وقال: انظر في ذلك. لكن قد وقع في شرح ابن مزين عن ابن نافع فيمن قارض وشرط في القراض شرطًا فاسدًا، أنّ إسقاط الشّرط إنّما يؤثّر ويصحّ القراض بإسقاطه ما لم يقع العمل بالقراض. فإذا وقع (١) عمل العامل بالمال، لم يؤثّر إسقاط الشّرط. ورأى بعض أشياخي أنّ هذا يشير إلى أنّ إسقاط السلف المشترط في البيع لا يؤثّر إذا فاتت السلعة وإن كان السلف لم يقبض. وهذا الّذي قاله من هذا وتأوّله لا وجه له, لأنّ القراض لا يلزم بالقول المجرّد في أحد القولين عندنا. فإذا وقع إسقاط الشّرط من مشترطه قبل العمل بالقراض، (صار إسقاطه كاستئناف عقد صحيح في حقّ نفسه، وبقي الآخر على خياره في حلّه، ولو كان القراض صحيحًا لم يقارنه شرط. فإذا وقع العمل بالقراض) (٢)، لم يؤثّر إسقاط الشّرط لأنّ إسقاطه وقع بعد فوات المبيع.

ويمكن أن يكون بني هذا الجواب على مذهب من يرى أنّ إسقاط الشّرط قبل العمل في السلف المقارن للبيع لا يؤثّر بل يفسخ البيع على كلّ حال. وإنّما فرّق ها هنا في القراض بين إسقاط الشّرط قبل العمل وبعده، لأجل ما ذكرناه من إثبات الخيار لربّ المال والعامل في حلّ القراض قبل أن يعمل به. فإذا أمكن هذا، لم يكن ما استقرأه من هذه الرّواية موثوقًا به، إلَاّ أن يثبت أنّ مذهب ابن نافع، لمّا قال هذا، كونُ القراض يلزم بالعقد، فيكون لِمَا استقرأه وجه.

والجواب عن السؤال الرّابع أن يقال: إذا وقع البيع بشرط السلف وفاتت السلعة في يد المشتري بحوالة السوق أو غيرها مِمّا يفيت البيع الفاسد، فإنّ المذهب اختلف في ذلك. فقيل: الواجب في ذلك القيمة، قلّت أو كثرت، كما تجب في أكثر البياعات الفاسدة. وهكذا قال سحنون: إذا قبض السلف وامتنع إسقاطه قبل قبضه وفاتت السلعة، فإنّ القيمة فيه بالغة ما بلغت. وهكذا حكى غيره عن ابن القاسم أيضًا إيجابَ القيمة مطلقًا, لأنّ الواجب في البيع الفاسد ردّ


(١) في الوطنية: فإذا عمل العامل بالمال.
(٢) في ما بين القوسين ساقط في الوطنية.

<<  <  ج: ص:  >  >>