وقد أشار القاضي إسماعيل إلى إنكار الاحتجاج على صحّة البيع إذا أسقط شرط السلف بإسقاط خمر وقع العقد عليه مع ثوب. وقال: إنّما يكون وزان مسئلة البيع والسلف أن يكون بائع الثّوب شرط على مشتريه أنّه إن شاء طلبه مع الثّمن الّذي اتّفقا عليه من الخمر بأمر سمّياه، وإن شاء لم يطلبه.
وتنازع المتأخّرون في هذا الّذي قاله إسماعيل القاضي. ونحن قد نبّهناك فيما أشرنا إليه من طرق الاستدل الذي هذه المسئلة في كلامنا على هذا السؤال الثّاني والّذي قبله ما يعلم منه حقيقة ما قاله إسماعيل القاضي.
والجواب عن السؤال الثّالث أن يقال: إذا تقرّر أنّ المشهور من المذهب في البيع والسلف أنّ إسقاط مشترط السلف لِمَا اشترطه منه يصحّح البيع. وقد اختلف أصحاب هذا المذهب فيه إذا قبض السلف، هل يؤثّر إسقاطه رفع فسخ البيع أم لا؟ فذكر أصبغ في أصوله عن ابن القاسم أنّ قبض السلف لا يمنع من تأثير إسقاطه، وأن السلف إذا أسقطه قابضه وأعاده على دافعه، صحّ البيع، وهذا ظاهر المدونة وذهب ابن حبيب وسحنون إلى أنّ إسقاط السلف بعد قبضه لا يؤثّر (١)، ولا يصحّ البيع الفاسد لأنّ الرّبا قد تمّ بقبضه والانتفاع به، وإذا حصل وجود المعنى المفسد للبيع، لم يتصوّر رفع ما قد وجد، بخلاف إسقاط السلف قبل قبضه فإنّه لا يرفع ها هنا سوى حكم النّطق باشتراطه، ولم يحصل وجود الفعل الممنوع وهو الانتفاعَ بهذا السلف. وهكذا ظاهر المذهب أنّه لا يؤثّر إسقاطه إذا وقع هذا الإسقاط بعد أن فاتت السلعة في يد مشتريها, لأنّها إذا فاتت في يد مشتريها لزمته قيمتها وصارت القيمة دينًا عليه، فإسقاط شرط السلف لا يرجع إلى إمضاء عين المبيع وتصحيحه لما سقط الشرط حتّى يصير إسقاط هذا الشرط كإسناد عقد صحيح على عين موجودة قائمة في حقّ من أسقطه. وإسقاطه بعد ذوات السلعة ووجوب القيمة إنّما يرجع إلى زيادة في هذه القيمة أو نقص، وذلك خارج عن تصحيح نفس العقود في الأعيان القائمة. لكن