للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حرف الواو ها هنا بمعنى أو، فالمراد أنّه بيع أو سلف على حسب ما صوّرناه.

والجواب عن السؤال الثّاني أن يقال: إذا أسقط البائع هذا الشّرط وأمضى البيع على أنّه لا حقّ له في السلعة إذا جاء بالثّمن، فإنّ في الموّازيّة أنّ البيع يصحّ بإسقاط هذا الشّرط. وأجرى إسقاط هذا الشّرط ها هنا مجرى إسقاط السلف في كون البيع يصحّ بإسقاطه في المشهور من المذهب. لكن ابن الموّاز لمّا حكى هذه الرّواية حكايته مطلقة تداركها بأن قال: إذا رضي المشتري بذلك.

واستدرك عليه الشّيخ أبو محمّد بن أبي زيد هذا الاستدراك فقال: بعد فسخ العقد الأوّل، وتراضيهما بذلك.

وقد كنّا قدّمنا في الكلام على صحّة البيع بإسقاط السلف أنّ هذا الشّرط المفسد للبيع فساده خارج عن الثّمن والمثمون، فلهذا صحّ البيع بإسقاطه، وبسطنا الكلام على هذا الوجه وما يتعلّق به. وها هنا قد لا يتصوّر في هذه المسئلة مثل هذا الاعتذار لأنّ الفساد ها هنا في نفس الثّمن، وكونه قد تخاطرا فيه بأن جعلاه تارة ثمنًا وتارة سلفًا. ويمكن أن يقدّر فيه أنّ البائع لو علم أنّه يعسر عليه ردّ الثّمن لم يبعها إلاّ بالأكثر مِمّا باعها به. ولو علم المشتري أنّه يشتريه بلا بدّ ما اشتراها به، فعاد التْخاطر ها هنا إلى نفس الثّمن. بخلاف فساد البيع الّذي قارنه السلف لكون الفساد هناك خارج عن الثّمن والمثمون كما تقدّم بيانه. وإذا لم يحاول الفرق بين المسئلتين، كان ما وقع من إطلاق القول في المّوازيّة أنّ هذا البيع يصحّ بإسقاط الشّرط يستغنى فيه عن استدراك ابن الموّاز.

ويكون صاحب هذا المذهب رأى البيع لازمًا للمشتري وإن لم يرض. كما يلزم أيضًا البيع إذا أسقط عنه البائع السلف الّذي اشترط عليه. وإن جرينا على موجب هذا القول وصرفنا الفساد في هذه المسئلة إلى المخاطرة في الثّمن، احتيج إلى استدراك ابن الموّاز. ويقدّر أنّ المشتري لمّا رضي بإسقاط البائع لشرطه، صارا جميعًا كمبتدئيًا (١) عقدٍ استأنفاه على الصحّة، وعلى تراضيهما


(١) هكذا في النسختين، لعل الصواب: كمبتدئيْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>