للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البياعات الفاسدة، فالقابض لها (١) القرض إذا قبضه على أنّه قرض جائز، فإنّه لم يقبضه إلاّ على ردّ مثله إذا فات لا على ردّ قيمته. فلماذا ألزم خلاف ما دخل عليه، وأخذ بخلاف مقتضى اعتقاده، ورجع في ذلك إلى مقتضى اعتقاد الدّافع؟ وهذا لمّا عورض به الشّيخ أبو بكر بن عبد الرّحمان اعتمد في دفعه على قول مالك، رضي الله عنه، فيمن عقد نكاح امرأة فأدخل عليه أهلها أمة لهم فوطئها معتقدًا أنّها زوجته أنّ القيمة تلزمه في الأمة، كما تلزمه القيمة في وطء أمة حلّلها له مالكها، مع كونه لم يدخل على فساد ولا غرامة قيمة، لكن حكم عليه بمقتضى اعتقاد الدّافع لهذه الأمة لا بمقتضى اعتقاده. ورأى بعض الأشياخ المتأخّرين أنّ هذه المعارضة تتوجّه (٢) في القرض وفي المسئلة الّتي استشهد بها الشّيخ أبو بكر بن عبد الرّحمان. وذهب إلى أنّ الصواب أن يجرَى كلّ واحد من هذين على مقتضى اعتقاده وقولِه. فيقضَى على القابض بالمثل لكونه موجَب اعتقاده، ثمّ يباع المثل ويدفع من ثمنه القيمة إلى الدّافع, لأنّ القيمة هي موجَب قوله واعتقاده. فإن قصر ثمن هذا المبيع على مبلغ القيمة، لم يكن للدّافع مطالبة بأكثر منها لحصوله على موجب اعتقاده، وإن زاد الثّمن على القيمة الّتي تجب على مقتضى اعتقاده، وقف ما زاد عن القيمة حتّى يرجع عن قوله: إنّ القرض كان فاسدًا، فيأخذ ذلك الموقف، أو لا يُرجع فيتصدّق به عمّن هو له.

وهذه الطّريقة شديدة لكونها دافعة للمعارضة، وأخذا بمقتضى زعم هذين الرّجلين الدّافع والقابض أولًا ما ينظر فيه من يتولّى البيع وعلى من تكون العهدة، فهذا يفتقر إلى نظر آخر (٣). وقد ذكر في المدوّنة حكم قرض الشّيء في مثله وسلم الشّيء في مثله، فاعتبر القصد. فإن كان من أسلف ثوبًا ليأخذ مثله أو أسلم ثوبًا في ثوب مثله، قصدُه منفعة نفسه، لم يجز ذلك. وإن كان القصد منفعة القابض، جاز ذلك. وقد كنّا نحن قدّمنا في أحكام السلم ما يشير إلى هذا


(١) كذا في النسختين، ولعل الصواب: لهذا.
(٢) هكذا في النسختين، وسياق الكلام بعدُ يقتضي النفي: لا تتوجه.
(٣) من: وهذه الطريقة .... نظر آخر. هكذا في النسختين، والكلام مضطرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>