للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكنّه جماد أو موات. فإن سلّمنا أنّ الشّعر كان حيًّا أيّام حياة ذي الشّعر، ثمّ مات ذو الشّعر، فإنّ الشّعر يموت بموته، وإذا مات وذهبت منه الحياة وتعقبّها الموت، كان ميتة. والميتة ليست بطاهرة، ويستدلّ على كونه حيًّا بنمائه وزيادة أجزائه، على حسب ما تنمي أجزاء بدن الحيوان الحيّة كسائر أعضائه وغيرها.

وإن قلنا: إنّه لم تخلق فيه حياة قطّ، فإنّه لا يكون ميتة بموت ذي الشّعر، لما قدّمنا من كون هذه التّسمية إنّما يراد بها ما كان حيًّا فمات حتف أنفه. ويستدلّ لهذا المذهب بكونه لا يحسّ الألم، ولا يحسه ذو الشّعر إذا قصّ ذلك عنه.

وإنّما يستدلّ على وجود الحياة أو فقدها بإحساس الألم أو فقده, لأنّ الإحساس للأم أو اللّذّة إنّما تكون في الحسّاس الدّارك، ولا يكون حسّاسًا درّاكًا من الحيوان إلاّ وله إدراك وحياة، فإذا لم تدرك الآلام ولا اللّذّات، فقد فَقَد الحسّ والإدراك، وذلك يشعر بكونه جمادًا أو مواتًا، إذا لم توجد آفة منعت من الإدراك، فإذا ذهبت عاد الحسّ والإدراك إلى ما كانا عليه. والاستدلال على الحياة بوجدان الحسّ والألم أولى من الاستدلال بالنّماء وانبساط الجسم في الجهات, لأنّ النّبات ينمي ويزيد، ثمّ ليس هو بحي.

وشعر الخنزير يجري مجرى شعر الميتة من الحيوان الّذي يحلّ أكله. لكن أصبغ خالف في هذا، ورأى أنّ شعر الخنزير نجس على كلّ حال حيًّا أو ميّتًا، كما كان الخنزير نجسًا حيًّا وميّتًا. بخلاف الشّاة والبقرة فإنّ أعيانهما طاهرة حال الحياة، فكذلك شعورهما بعد الموت لكونها غير مشاركة في الحياة.

والجواب عن السؤال السابع أن يقال: المسك طاهر عند جمهور العلماء. وشذّ قوم، فقال وابن جاسته. وكأنّهم قدّروه كفضلة انبعثت من جسم الغزال الّذي يؤخذ منها المسك، حتّى صارت كعضو منها (١) تلحق فيه الحياة، ثمّ تخلق (٢) فيه الموت إذا فارق الجسم الّذي أخذ منه وانفصل عنه، عاد كإصبع قطع من


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: منه.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: يخلق -بالتذكير-.

<<  <  ج: ص:  >  >>