للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصفة جائزة، كقوله: إن دخلت الدّ فأنت حرّ، أو ممنوعة كقوله: إن قتلت مسلمًا فأنت حرّ.

وأمّا الشّافعيّة، فإنّها ترى أنّ النّهي يدلّ على فساد المنهيّ عنه وارتفاعه، سواء كان النّهي يعود لعين المنهيّ عنه أو لمعنى متّصل بها. لأنّ ما اتّصل بها وكان لازمًا لها فإنّه يكون كالرّافع (١) إلى العين، فلا معنى لهذه التّفرقة. وأيضًا فإنّ القبض من مقتضى العقد، وهو تابع للعقد، فإذا لم يحصل الملك والضّمان بمجرّد العقد الّذي هو الأصل، فأحرى ألاّ يحصل بما يتبعه وهو متفرّع عنه وهو القبض.

ويرون أنّ قوله تعالى: {وَأَحَلَّ الله الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (٢) على حسب ما قدّمنا نحن ذكر اختلافهم فيه. وقد تقرّر في الشّريعة أنّ ما نهى الله عنه ورسوله غير مأذون فيه، وهو مردود. ولا يصحّ الجمع بين كونه منهيًّا عن مباشرته وفعله وبين كونه منعقدًا منبرمًا ناقلًا للملك, لأنّ هذا يصير كالمتناقض من الأحكام.

وقد يتعلّق في هذه المسئلة بحديث بريدة (٣) وهو كون اشتراط الولاء للبائع لا يجوز. ثمّ مع هذا قال لها عليه السلام: "اشتري واشترطي لهم الولاء فإنّ الولاء لمن أعتق" (٣). فإنفاذ عتقها يدلّ على صحّة ملكها، وكون هذا العقد نقل الملك إليها. وهذا الاستدلال إنّما يصحّ لو قلنا: إنّ عقدها كان فاسدًا، وأنّهم اشترطت لهم الولاء حين العقد. وهذا لا يصحّ أن يضاف إليها، وهي قد فعلت ما فعلته بعد مشاورة النبيّ عليه السلام. وقد قيل: معنى: اشترطي لهم الولاء اشترطي عليهم، كما قال تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} (٤) يعني فعليها.

وقيل: إنّ هذا مِمّا خصّت به عائشة رضي الله عنها، فأجيز لها فعل ذلك ليكون فسخ الشّرط، والزّجر عنه بالفعل والقول والبيان لجميع النّاس آكد في المنع


(١) هكذا في النسختين، ولعَل الصواب: كالراجع.
(٢) سورة البقرة: ٢٧٥.
(٣) المعلم ج ٢ ص ١٤٦.
(٤) سورة الإسراء: ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>