منه. وقد بسطنا الكلام على هذا الوجه في كتابنا المعلم (١).
والجواب عن السؤال الثّالث أن يقال: مجرّد العقد الفاسد في البياعات لا ينقل ضمانها. لكن إن أمكن البائع المشتري من القبض، فترك ذلك باختياره، فعندنا فيه قولان:
١ - هل ينقل الضّمان إلى المشتري كما ينقل الضّمان إليه في التّمكين في البيع الصحيح. ويعَدّ التّمكين كالقبض لمّا ترك المشتري المبيع باختياره وكأنّه أبقاه بعد قبضه في يد بائعه كالوديعة؟
٢ - أو لا ينقل التّمكين ضمانًا لكون الشرع نهى المشتري عن التّمادي على هذا العقد، ونهاه عن قبضه، وأمره بفسخه. فلا يعدّ تمكين البائع منه كقبض المشتري له لمّا فعل المشتري، من اجتناب القبض، ما أمره به الشّرع. بخلاف البيع الصحيح، فإنّ الشّرع لم يمنع فيه من القبض منه ولا نهى عنه وصار التّمكين فيه كالقبض. وأمّا إذا حصل القبض في البيع الفاسد، فإنّ الضّمان ينتقل، ولكنّه عندنا انتقال مقتضية شبهة الملك لا حقيقة الملك، على ما قدّمناه وحكيناه عن بعض أصحابنا، وذكرنا نحن ما فيه عندنا وما قاله غيرنا من الأشياخ. وقد قال القاضي إسماعيل: إنّ بعض من حدّث يقول: إذا مات العبد المشترى شراء فاسدًا في يد مشتريه، فإنّ ضمانه من البائع، لكون هذا القبض عند هذا كقبض الوديعة الّتي يكون ضمانها من مالكها الّذي أودعها. وهذا الّذي ذكره خلاف طريقة فقهاء الأمصار، ولهذا أضافه القاضي إسماعيل لبعض من حدّث مشيرًا بهذا القول إلى كون هذا القائل شذّ عن الجماعة.
فأمّا الحنفيّة، فإنّها تراه ضامنًا بالقبض, لأنّ حقيقة البيع حصلت، ولهذا نقلت الملك وحقيقة البيع نقل الملك بعوض، والأصل في العوض المعادلة، والمعادلة إنّما تكون بالقيمة. لكنّهما إذا تراضيا بتسمية قضي بها إذا كانت جائزة. فإذا أبطلها الشّرع، رجع إلى الأصل وهو كون القيمة عوضًا من هذا المقبوض. ولو زادت في المقبوض زوائد متّصلة به لردّت معه عندهم لكونها