للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمفيت لهذه العقود الفاسدة أربعة:

١ - تغير الذّوات

٢ - أو تغيّر الأسواق

٣ - أو إخراج عن الملك

٤ - أو تعلّق حقّ آخر بهذا المبيع.

فنبدأ بالكلام على حصول الفوت بمجرّد القبض من غير أن ينضاف إلى ذلك أحد هذه الأربعة أقسام.

فاعلم أنّ المعروف من المذهب أنّ مجرّد القبض لا يكون فوتًا في البياعات الفاسدة. لكن ذكر ابن مسلمة أنّ الفسخ بعد القبض استحسان. وهذا إشارة منه إلى أنّ القياس كون مجرّد القبض مانعًا من الفسخ. وهو مقتضى المذهب الّذي حكيناه من كون العقد الفاسد إذا اتّصل به القبض ينقل الأملاك. وإذا تحقّق نقل الملك لم يتصوّر الفسخ. وقد أطلق القول بعض أشياخي على ذلك الخلاف في البيع الفاسد، هل يفوت بالعقد أو القبض، تخريجًا منه ذلك من مسئلة من أسلم في ثمر بعينه على الكيل لمّا زهي بشرط أن يأخذه تمرًا. فإنّا كنّا قدّمنا في كتاب السلم ذكر الاختلاف، هل يكره ذلك وينهى عن العقد؟ فإنْ وقع العقد، فسخ إذا لم يقبض، أو يمضي بمجرّد العقد ويفوت المبيع بالقبض؟ وهذا التّخريج عندي لا يحسن إطلاقه, لأنّ هذه المسئلة وأمثالها إنّما يحمل النّهي فيها على الكراهة لا على التّحريم المتّضح. والكراهة لا تلحق بالتّحريم ويحسن أن يقال فيها: ينهى عن هذا العقد لكونه مكروهًا. فإن عقد، لم يفسخ لكونه ليس محرّمًا. وهكذا قال ابن القاسم فيمن باع نخلًا مثمرًا على أن يختار منها نخلات، أي لَكُره هذا البيع. فإن وقع أمضيته، لقول مالك فيه. فشتّان ما بين مكروه ومحرّم، ومجمع عليه ومختلف فيه. وقد قال مالك: ما كراهة النّاس فيه من هذه العقود، فإنّه يفسخه إلاّ أن يفوت فيمضي، فعبّر عن ذلك بالكراهة.

لكن ابن مسلمة لمّا أطلق القول بأنّ الفسخ بعد القبض في البياعات الفاسدة استحسان، صار هذا منه كالمسهّل لهذا التّخريج. وقد قدّمنا نحن من ذكر المذاهب في تأثير العقد الفاسد المتّصل به القبض ما تبنى عليه هذه المسئلة.

وإذا وضح ما قلناه في مجرّد العقد المتّصل به القبض، فلنذكر ها هنا ما

<<  <  ج: ص:  >  >>