ذكرنا من الأقسام المفيتة، ونذكر حكمها في كلّ قسم من الأجناس المبيعة.
فأمّا العقار، فإنّ ذهاب عينه، واندراسَه الّذي يقوم مقام ذهاب العين، فلا خفاء يكون ذلك فوتًا يمنع الرّدّ للمبيع. لأنّ ردّ عين المبيع مع ذهابها يستحيل، وكذلك اندراسها المقارب لذهاب عينها. وأمّا التّغيير لها، فإنّها إن كانت ديارًا فإنّ الهدم يفيتها. والأبنية في أرضها تفيتها. والأرضون يفيتها الغرس أو قطعه، وحفر الآبار وشقّ العيون، وما في معنى ذلك. لكون هذه الأحوال يتحوّل معها الغرض المقصود من العقار. والغرض المقصود إذا تبدّل في العين فصارت (١) العين كأنّها غير موجودة. وهذا الّذي قلناه يشير لك إلى توجيه ما قاله أصبغ فيمن اشترى أرضًا شراء فاسدًا، فغرس فيها غرسًا، فإنّه قسّمه على ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يغرس جميع ما أحاط بالأرض ويبقي جلّها بياضًا، فإنّ ذلك فوت.
وإن غرس منها ناحية بعينها، مِمّا لها مقدار بالنّسبة إلى ما بقي، فإنّ المغروس خاصّة هو الّذي يفوت.
وإن كانت هذه النّاحية لا مقدار لها, لم يفت شيء من الأرض وتردّ إلى بائعها ويقضى عليه بقيمة الغرس. والأشبه أن يقضى عليه بقيمته قائمًا لكونه غرس بوجه شبهة. وإن كان أصبغ لم يصرّح بهذا, ولكن مقتضى المذهب هذا الّذي قلناه.
فأنت تراه كيف جعل الغرس فوتًا للجميع، أو ليس بفوت في الجميع، أو فوتًا في المغروس دون ما لم يغرس. وما ذلك إلاّ لما قلناه من اتّضاح اختلاف الأغراض وتباينها أو تقاربها. فاعتبار ذلك ودّاه إلى هذا التّقسيم الّذي قسمه.
وقد اضطرب الأشياخ في مسئلة المدوّنة إذا باع جارية بجاريتين بيعًا فاسدًا، فإنّه ذكر في المدوّنة فسخ العقد وإلزام القيمة مع ذوات المبيع. وتنازع