للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأشياخ إذا كان الفوت في الجارية الرّفيعة من الجاريتين اللتّين بيعتا بيعًا فاسدًا، والجارية الّتي هي الحقيرة من الصفقة لم تفت، هل ينسحب حكم فوت الرّفيعة على المحتقرة حتّى يقدّر أنها كالفائتة لكونها تابعًا لما فات، والتّابع يجري عليه حكم المتبوع، على حسب ما نقوله في أحكام الاستحقاق لإحدى الجاريتين، أو ردّ إحداهما بعيب، أو يفسخ البيع في الّتي لم تفت، وإن كانت محتقرة، لكون الفسخ حقًّا لله سبحانه، وحقّه غير مبنيّ على الأغراض. فلا يعقد في المحتقرة عقد فاسد من غير حصول فوت، بخلاف أحكام البيوع والاستحقاق، فإنّها مبنيّة على حقوق الخلق واعتبار أغراضهم. فإذا استحقّت الرّفيعة من الجارتين وانتقض البيع فيها، كان لمن استحق ذلك من يده ردّ المحتقرة الّتي لم تستحقّ لبطلان غرضه في الصفقة لمّا استحقّ جلّها والمقصود. وقد رأى أصبغ أنّ مرور السنين الكثيرة كالعشرين ونحوها على الدّيار المبيعة بيعًا فاسدًا يفيتها، واعتلّ بأنّ ذلك لا يكون حتّى تتغيّر بالبلى. وهذا لا يخالَف فيه. والرّوايات المذكور فيها أنّ مجرّد الطّول لا يكون فوتًا، إنما أطلقت على أنّ طول الزّمان لم يغيّر عينها.

وأمّا حوَالة الأسواق في العقار، ففيه اختلاف: هل يفيت البيع الفاسد أم لا؟ فالأشهر لا يفيته. وقال ابن وهب: إنّ ذلك يفيته. وأجرى العقّار مجرى العروض. وإذا كان السبب المانع من الفسخ المعادلة بين المتبايعين في رفع الضّرر عنهما. ومن الضّرر إذا زادت قيمة السلعة في يد المشتري أن يؤخذ من يديه، فيخسر ما اشتراها لأجله من الرّبح. وإذا نقصت قيمتها فرددناها على البائع، أضررنا أيضًا به.

فكان من العدل بينهما المساواة في نفي هذا الضّرر عنهما. فجعلتَ اختلاف الأسواق بزيادة أو نقصان يفيت البيع الفاسد، ولا فرق بين العروض والعقار في اعتبار هذا الضّرر. وأشار بعض الأشياخ إلى الاعتذار عن المذهب المشهور من التّفرقة بين العقار والعروض بأنّ الغالب في الدّيار أنّها لا تشترى للتّجارة بل للقنية والسكنى أو الاغتلال. فلم يؤثّر اختلاف الأسواق لمّا لم يكن ذلك مقصودًا عند المتعاقدين فيها. والغالب في العروض شراؤها

<<  <  ج: ص:  >  >>