للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثّمن. وهذا التّعليل إنّما يتّضح على القول بأنّ المستثنى مشترَى بأن يقدّر أنّ البائع باع الأمة بجنينها، وصار بالعقد ملكًا للمشتري فاشتراه هو بما وضعه من الثّمن الّذي يجب له لو لم يشترطه، ويستثنيه. وقد بولغ في المنع من هذا حتّى ذكر في الموّازيّة أنّه لو باع رمكة على أنّها عقوق، لم يجز هذا البيع. ورأى أنّ اشتراط كونها حاملًا حين العقد يصيّر الجنين مقصودًا في العقد، وما كان مقصودًا في العقد فله حصّة من الثّمن، وقد ذكرنا أنّ الثّمن الّذي هو عوض الجنين فيه من المخاطرة ما بيّنّاه. ولو ذكر أنّها عقوق لا على جهة الاشتراط لكونها حاملًا حتّى يكون لذلك حصّة من الثّمن، بل على جهة الإخبار بحالها والتبرّي من حملها لجاز العقد، لكونه إذا وقع على هذه الصفة لم يكن له حصّة من الثّمن ولم يكن مشترَى مع أمّه.

والجواب عن السّؤال الثّالث أن يقال: ما معنى النّهي عن حبل الحبلة؟ فإن فيه تفسيرين، أحدهما: أنّ المراد به بيع نتاج ما تنتجه النّاقة. وإلى هذا ذهب ابن وهب. وذهب مالك إلى أنّ المراد به بيع سلعة بثمن يقضَى عند نتاج النّاقة. والمعنيان جميعًا يتّضح فسادهما. وقد بّينّا وجه المنع من شراء جنين ناقة، والجنين موجود حين العقد في بطن أمّه، فشراء جنين يخلق من هذا الجنين الأوّل أوضح في المنع.

وكذلك إذا كان المراد ضرب هذا أجلًا لثمن سلعة باعها، فإنّ ذلك أيضًا ممنوع لكون الثّمن لا يعلم متى يقبض، ولا الزّمن الّذي تنتجه ما تنتجه ناقة مشار إليها. كيف ولو كان الزّمن محدودًا معلومًا مبلغه، ولكنّه من الطّول بحيث الغالب فيه تغيير الذّمم وعدم الثّقة بحصول الثّمن، وكون الغالب منه أنّه لا يبقي مشتريه إليه وإن بقي يتغيّر حاله في الكسب، ولو كان الأجل عشرين عامًا لكره ذلك، ولكنّه لا يفسخ البيع فيه. ولو كان لعشر سنين لكان ذلك جائزًا. وهذا التّفصيل الّذي وقع في هذه الرّواية ما بين جواز وكراهة وتحريم لا ينبغي أن يساق مساقًا واحدًا في سائر النّاس، فإنّه ربّما كانت بعض الذّمم في قوم، السنين (١) الكثيرة في حقّهم بالإضافة إلى


(١) هكذا في النسختين. ولعل الصواب: السنون.

<<  <  ج: ص:  >  >>