وأمّا النّهي عن بيع المضامين والملاقيح، فإنّ فيه قولين، أحدهما: أنّ المضامين ما في بطون الإناث، والملاقيح ما في ظهور الفحول. وإلى هذا ذهب مالك واحتجّ بقوله تعالى:{وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ}(١). والرّياح محرّكة لتوليد الشّجر ثمارها لا حاملة للثّمار. وقيل: عكس هذا، إنّ الملاقيح ما في بطون الإناث، والمضامين ما في ظهور الفحول. وإلى هذا ذهب ابن حبيب وأنشدوا في هذا:
ملقوحة في بطن ناب حائل
وفي الاستشهاد بهذا البيت نظر.
وأمّا بيع الحصاة ففيه أقوال في تفسيره. فقيل: معنى الخبر الوارد بالنّهي عن أن يكون في يد إنسان حصاة، فيقول للآخر: إذا سقطت من يدي لزمني ما بعته منك. وقيل: المراد إذا سقطت الحصاة من يدي على ثوب بعينه، فإنّ البيع لازم. وقيل: معناه أن يبيعه منتهى ما يبلغه رميه بحصاة.
وقد تكلّمنا في كتابنا المعلم على هذه التّأويلات وذكرنا أنّ التّعليق بسقوط الحصاة من يده إذا كان المراد إسقاطها باختياره، فإنّه كبيع خيار إذا قدّر في ذلك أجل يجوز الخيار إليه. وكذلك إذا أراد إن سقطت الحصاة على ثوب بعينه من ثياب فقد عينت ذلك للبيع والثّياب متساوية، فإنّ هذا أيضًا كبيع ثوب من ثوبين يختاره البائع.