للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بشرط النّقد، وإن كان يمكن موتها قبل إكمال الرّضاع، فيجب ردّ بعض ما انتقدت، وإذا وجب صار ذلك تارة بيعًا وتارة سلفًا. لكن لمّا كان الموت أمرًا ليس هو الغالب، بل هو كالنّادر لم يتصوّر فيه هذا الوجه الممنوع من تخوّف ما انتقد. فكذلك لا يتصوّر الغرر ها هنا في مسئلة بيع الأمة المرضعة، الّتي ذكرناها, لأجل إمكان موت الطّفل. وإنّما يتصوّر إذا لم تجب المحاسبة بما بقي من الرّضاع ولا وجب الخلف. وقد عارض سحنون ما وقع في المدوّنة من اشتراطه في صحّة هذا البيع اشتراط خلف الولد إن مات. وقال: هو لا يجيز اشتراط الخلف في استئجار الظئر إذا مات الولد، فكيف أجازه ها هنا؟ وأشار إلى أنّه أخرج هذا عمّا أصّل في الظئر لأجل الضّرورة المختصّة بهذه المسئلة.

وقد أشار بعض الأشياخ إلى طريقة أخرى في الفرق. وذلك أنّ الغرر تبعًا لم يكن مقصودًا، فعفي عنه.

وإذا كان منفردًا، صار مقصودًا فلم يسامح به. ألا ترى أنّ من اشترى لبن شاة شهرًا جزافًا، فإنّه لا يجوز ذلك لما فيه من الغرر بقلّة اللّبن وكثرته. ولو اكترى ناقة ليحمل عليها شهرًا واشترط لبنها، جاز ذلك لمّا كان اللّبن تبعًا لما اشترى الحَمْل عليها. وكذلك من اكترى دارًا، وبها شجرة لم تزه ثمرتها، والثّمرة دون الثلث، فإنّ ذلك جائز. بخلاف اشتراء ثمرة هذه الشّجرة، انفرادها غير تابع للكراء، وكذلك شراء نخل فيها ثمرة لم تزه، لم يمنع منه. ولو أفرد الثّمرة بالشّراء بشرط التّبقية لمنع منه وكذلك بيع جبّة، وقطنها مغيب، لا يمنع منه. وبيع قطنها خاصّة، وهو مغيب، لا يجوز.

فكذلك ما ذكرنا في مسئلة هذه الأمة رضاع الولد تبع للعقد عليها، فلم يمنع منه بخلاف العقد على لبن ظئر يرضع ولدًا.

وأشار الشّيخ أبو إسحاق إلى حمل المسئلة على أنّ المراد بها أنّ الرّضاع غير مختصّ بعين الأمة ولا بعين الولد، بل هما مضمونان جميعًا، فلهذا أجاز ذلك. كما يجوز في الظّئر كون اللّبن مضمونًا والرّضيع غير معيّن. واعتلّ لمنع

<<  <  ج: ص:  >  >>