للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التّعيين ها هنا بأنّه يتضمّن التّحجير لكون مشتريها لا يقدر على التّصرّف المطلق فيها قبل انقضاء الرّضاع.

وأشار ابن أبي زمنين، حاكيًا عن سحنون، إلى أنّ الغرر الّذي اقتضى عند سحنون منع بيع هذه الأمة على شرط رضاع الولد، إلى أنّ المشتري إن احتاج إلى الرّحلة بأمة اضطرّ إلى الرّحلة بولدها, لما جاء الشّرع به من منع التّفرقة بين الأمّ وولدها، وهو يتكلّف في الرّحلة مشقّة وإنفاقًا، وذلك غير معلوم، فوجب لأجل ذلك المنع.

وأشار بعض الأشياخ إلى أنّ هذا لو وقع في ولد البائع لا في ولد هذه الأمة، لفسد البيع، لما يتصوّرها هنا من التّحجير، لكون مشتري الأمة لا يمكنه أن يرحل بهما لما فيها من الشّرط، فصار عقد البيع فيها على تحجير. وأمّا ولدها فإنّه لا حقّ لأحد في أن يمنع من سفره، وهو يتبع أمّه حيثما كانت، ويمكّنها المشتري من ذلك ويعينها عليه. فلا يتصوّر التّحجير في هذا كما يتصوّر التّحجير في اشتراط رضاع ولد أجنبيّ منها. وقد ذكرنا عن سحنون أنّه إنّما يجيز هذا البيع إذا دعت إليه ضرورة، كبيع القاضي لهذه الأمة في تفليس سيّدها.

وممّا ينبغي أن ينظر فيه ها هنا أنّه قد تقرّر أنّ المفلَّس إذا بيع ما يملك في التّفليس، لم يلزم أن يترك له نفقة نفسه وبنيه الصّغار المدّة الكثيرة. وهذه الأمة إذا بيعت في التّفليس بشرط القيام عن البائع بما وجب عليه من رضاع هذا الولد ونفقته، صار ذلك مضرّا بالغرماء ومتلفًا عليهم بعض ما استحقّوه من ماله.

لكن الأظهر عندي ها هنا أن لا يجري هذا مجرى الإنفاق على ولده، فإنّ هذه جناية جناها قبل أن يستدين على هذا الصغير بإعتاقه قبل أن يحصل على القدرة على التكسّب، فلزمه عوض هذه الجناية. والمديان إذا ثبت عليه أرش جناية قبل أن يستدين ويفلس، لم يكن لغرمائه مقال في إسقاط حقّ المجني عليه في مال هذا المفلس، فهذا مِمّا ينظر فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>